للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحجرية، تزن خمسة [أمناء] (١)، وملء ذلك بعينه من الحنطة المصرية أربعة، أو أقل، فإذا اتفق الأئمة على مقدارٍ موزون، دلّ أنهم عَنَوْا بالصاع هذا المقدار، فالصاع في الفطرة خمسة أرطال وثلث، والمُدُّ رطل وثلث، ولا ينبغي للفقيه في هذا المقام أن يلاحظ التساوي المرعي في الربويات؛ فإن بيع الحنطة بالحنطة صاعاً بصاع جائز مع اختلاف الأنواع، وتفاوت الأوزان، وذلك لأن المماثلة التي تُعبدنا بها في الربويات لا ترتبط بتعليلٍ معنوي مستقيم على السَّبْر، فاتّبعنا فيه قول الشارع، وقد قال في سياق حديث الربا: "إلا كيلاً بكيل".

والذي يوضّح الحقَّ في ذلك أن ما كان مكيلاً في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز بيع بعضه ببعض وزناً بوزن، وإن كان الوزن فيه أحصر وأضبط، وما اعتيد الوزن فيه لا يستعمل الكيل فيه، فقد انفصل هذا الباب مما نحن فيه.

هذا قولنا في الصاع والمدّ.

٢٠٠٠ - فأما الوَسْق، فقد فسره أئمة اللغة أنه ستون صاعاً، ولكن لسنا فيه على تحقق ظاهر، ولا يبعد أنه وِقرٌ مقتصد، فلما لم يكن الوَسْقُ كالصاع الذي أوضحناه، تردد فيه الأئمة: فقال بعضهم: الوَسْق ستون صاعاً والصيعان متقدّرةٌ شرعاً، فكل وَسْق بالوزن مائةٌ وستون منّاً، والخمسة الأوسق ثمانمائة منٍّ، فنحمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأوسق على هذا، كما نحمل الصاع في نفسه على المقدار الذي ذكرناه.

ومن حمل ذلك على التقريب، فأقرب مسلك فيه أن نتخيل الصيعان من الحب الرزين، أو من التمر العلِك، ثم نعتبر الخفيف من كل نوع، ثم يحمل على الوسط.

هذا طرِيق التقريب، ويمكن أن يعبر عنه بأن الأوساق هي الأوقار، والوِقر المقتصد مائة وستون مناً، فكل نقصان لو بُثَّ (٢)، وفرق على الخمسة، لم يُقَل: إنها منحطة عن الاعتدال، فهو غير ضائر، وما يُظهر الانحطاطَ، فهو مُنْقِصٌ، ولو أشكل


(١) جمع من بدون تشديد، وفي (ت ١): أمننا.
(٢) (ت ١): بُتَّ، و (ت ٢): ثبت.