للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا حكم الوجوب من غير إيجاب التأدية، وإن كان تأدية الثمر وما في معناه ممكناً، باعتبار الخرص.

٢٠١١ - وذكر صاحب التقريب قولاً غريباً في كتابه: أن حق المساكين إنما يجب عند جفاف التمر والزبيب، وتمييز الحب، وزعم هذا القائل أن وجوب الزكاة في وقت وجوب تأديتها، لا يتقدم الوجوب على الأمر بالأداء.

وهذا شبيه بالقول الذي حكيناه في أن الإمكان من شرائط الوجوب، ولعل ما ذكره أقرب في ظاهر النظر من قول الإمكان؛ فإن الواجب التمرُ، وإيجاب التمر قبل وجوده أبعد من الحكم بوجوب زكاة المواشي والنقود في الذمة، مع ارتقاب من يسلّم إليه.

وهذا الذي نقله بعيد (١) غير معدود من المذهب عندي.

٢٠١٢ - ومن أجرى الأبواب كلَّها على قياسٍ، ولا (٢) يُجوِّز أن يتميز كل باب بخاصية، فليس مِن طلب الحقيقة في شيء، فليعلم الناظر أن الثمار يخلقها الله تعالى على تدريج، وفيها منتفع عظيم قبل الجِداد والتجفيف؛ فإن الانتفاع بالأعناب، والأرطاب، لا ينقص عن الانتفاع بالتمور والزبيب، وأصل الوضع مشعر بأن الله تعالى إذا أفاد الموسر ثمرةً، وانتهت إلى الانتفاع، فيلزمه أن ينفع المساكين، فهذه القضية تقتضي لا محالة ثبوتَ حق المساكين (٣) عند بدو الصلاح، ولكن لو كلفنا أربابَ الأشجار إخراجَ العشر، لعسر عليهم، فقد يريدون (٤) أن يجففوا، وحقوق المساكين (٥) لا تنقص بالتجفيف قدره (٦)، بل تزيد؛ فأوجب الشرع حقَّ المساكين،


(١) (ت ٢) غير بعيد معدود.
(٢) (ت ١): ولم يجوّز.
(٣) عادت نسخة (ك) إلى حيث تسلسلها الأول. فبعد أن قفزت من ص ٧٤ إلى ١١٢، ١١٣، عادت إلى ص ٧٥.
(٤) كذا. ويمكن أن تكون: "تقدير بدون أن يجففوا ... ". مكان قوله: "فقد يريدون أن يُجففوا". والله أعلم.
(٥) (ت ١): قد تنتقص.
(٦) كذا في النسخ الخمس. والمعنى: "لا ينقص قدرُ حقوق المساكين" وهو مفهوم من السياق. ولكن في العبارة خللاً، لعل صوابه: لا ينقص بالتجفيف (قدرها). والله أعلم.