ثم وراء ما ذكرناه دقيقةٌ، بها ينكشف الغطاء، وسيأتي بابٌ في الزكاة في الأملاك في زمان الخيار، وما يجري فيها من زهو وغيره، وفيه نستقصي هذا إن شاء الله عز وجل.
٢٠١٦ - فنقول إذا جرى الخرص، فقد اختلف قول الشافعي في أن الخرص هل يُثبت حكماً لا يَثبت دونه؟ فقال في أحد القولين: لا حكم له، إلا أنا نضبط المقدار، ونطلبُ العشرَ في أوانه بحسبه.
والقول الثاني - أنا نُثبت حكماً على ما سنصفه، فنقول: الخارص يُضمِّن المالكَ حصةَ المساكين تمراً، ويُطلق تصرفَ المالك في جميع الثمار بما بدا له، وينقلب حق المساكين إلى ذمته. وفي القول الأول لا يتغير بالخرص في ذلك حكم، وحكم تصرف المالك في الثمار، كما سنوضحه الآن.
وعبّر الأئمة عن القولين بأن قالوا: الخرص في قولٍ عِبرة (١): أي يفيد الاطلاع على المقدار ظناً وحسباناً، ولا يغيّر حكماً، وفي قول هو تضمين، أي يضمَّن المالك حق المساكين، ويُطلَق تصرفُه في الثمار.
فإن قلنا: الخرص عِبرةٌ، فربُّ الثمار يتصرف في تسعة الأعشار، ولا يتصرف في العشر، الذي هو حق المساكين.
فنقول: أما إذا وجبت الزكاة في المواشي أو غيرِها، ففي قول الذمة يتصرف في الجميع، كما مضى، وفي قول العين لا يتصرف في مقدار الزكاة، فإن تصرف في الجميع، ففيه التفريق والقول الطويل كما مضى، ولو أبقى مقدار الزكاة، وتصرف في الباقي على منعنا التصرفَ في مقدار الزكاة، ففي نفوذ تصرفه فيما يزيد على مقدار
(١) عبرة أي تقدير، من عبرت الدراهم واعتبرتها، إذا اختبرتها، وقدّرتُها، وعرفتُ قيمتها. (المصباح).