وهذا الذي ذكره بعيد جداً في حق الشركاء، وما يجري في حق المساكين، لا يقاس به تصرف الشركاء في أملاكهم المحققة؛ فإن المذاهب على التردد، في أن المساكين هل يستحقون من عين الثمار، ولا شك أن المالك مطالب بحقهم، وحقوق الشركاء في أعيان الثمار لا مطالبة لأحد على أحد.
ثم إن ثبت ما قاله صاحب التقريب، فمستنده عندي خرصُ عبدِ الله بنِ رواحة على اليهود؛ فإنه ألزمهم التمرَ، وكان ذلك الإلزام في حقوق الملاك والغانمين. والله أعلم.
والذي لا بد منه في مذهب صاحب التقريب في ذلك، أن الخرص في حقوق المساكين يكفي فيه إلزام الخارص، ولا يشترط رضا المخروص عليه، فأما في حق الشركاء، فلا بد من رضا المخروص عليه لا محالة.
فرع:
٢٠٢٥ - سنذكر في كتاب المساقاة اختلاف القول في أن الخرص هل يجري في سائر الثمار؟ وفائدة الخلاف جوازُ المساقاة، أو منعها فيما عدا النخل والكرم، فأما أمر الزكاة، فلا حاجة إلى الخرص في غير النخيل والكروم من الأشجار؛ إذ لا عشر إلا في النخل والكرم، كما سيأتي، ورأيت الأصحاب قاطعين بأن الخرص لا يجري في الزروع أصلاً؛ فإن الحبوب لا يضبطها الخرص، فلا خرصَ، وإن جرى، فلا حكم له أصلاً.
فصل
٢٠٢٦ - إذا ادّعى أصحاب الثمار جائحة، وسبباً في ضياع الثمار، فإن كان ما ادَّعَوْه ممكناً غيرَ بعيد، مثل أن يدّعوا اختلال الثمار ببَرَدٍ، ولقد كان البرد وأثره يختلف في الأشجار، اختلافاً متفاوتاً، فإذا ادَّعى صاحب ثمرة أثراً، فما قاله محتمل، وهو مصدق فيه، وإن اتّهم، حُلِّف.
وإن ادعى شيئاً يكذبه المشاهدة، مثل أن يدّعي حريقاً، ونحن نعلم أنه لم يقع، فهو مكذَّب.