للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن ادعى أمراً مثله يشيع، ولا يخفى، وقد يفرض خفاؤه على بعد، فالذي ذكره العراقيون أنه لا يقبل قوله، ويطالب بالبينة، وطردوا هذا في الوديعة، فقالوا: إن ادعى المودعَ سبباً في الضياع يشيع مثلُه غالباً، طولب بالبينة، فإن لم يأت بها، لم يحلّف. وقد دل ظاهر كلام الصيدلاني عليه.

والذي قطع به شيخي أن كل مؤتمن ادعى شيئاً محتملاً، وإن كان بعيداً، فهو مصدّق مع [يمينه] (١)، وإنما يردّ قوله إذا قطعت بكذبه، وهذا قياس ظاهر؛ فإن المودعَ إذا ادعى ردَّ الوديعة، فالأصل عدم الرد، ولكنه مصدق على (٢) يمينه، فيكفي في تصديقه الإمكانُ، وإن بَعُد.

فالأمر في تلف الثمار على هذه التقاسيم.

ثم من يطلب البينة فيما يظهر غالباً، لا يشترط إقامة البينة في تأثير الحريق الذي ادعاه في ثماره، بل إذا أثبت الأصل بالبينة، صار اختلال ثمرته ممكناً غيرَ بعيد، فيحلف الآن على ما يدعيه من النقصان.

٢٠٢٧ - ثم ذكر الشافعي في الخرص دعوى من المخروص عليه، فقال: "إن قال: قد أحصيتُ مكيلة ما أخذت، فكان كذا ... إلى آخره" (٣).

إذا صح الخرص من أهله في وقته، فادّعى المخروص عليه آخِراً تفاوتاً، نُظر، فإن قال: اعتمد الخارص في التحيّف قاصداً وظلمني، فلا يقبل ذلك منه؛ فإنه نسبَ مَن هو مؤتمن [شرعاً] (٤) إلى ما يخالف منصبه.

ولو قال: أخطأ ولم يتعمد، نُظر؛ فإن نسبه إلى خطأ فاحشٍ يبعد (٥) أن يقع مثله


(١) في الأصل، (ط)، (ت)، (ك): بيّنته. والمثبت من (ت ١)، ويشهد له السياق.
(٢) "على" تُرادف (مع) قاله أهل اللغة.
(٣) ر. المختصر: ١/ ٢٣٧. وتمام عبارة الشافعي: إذا قال (أي المخروص عليه): قد أحصيتُ مكيلةَ ما أخذت، وهو كذا، وما بقي، فهو كذا، فهذا خطأ في الخرص، صُدّق، لأنها زكاة، هو فيها أمين.
(٤) زيادة من (ت ١)، (ت ٢).
(٥) هنا خلل آخر في نسخة (ك) حيث انتقلت من آخر ص ٧٨ إلى ص ١١٤.