للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لذي بصيرة وخبرة، فلا يصدَّق، مثل أن يقول: خرص عليّ مائة وَسْق، وإنما هو خمسون، أو سبعون. والرجوع فيما يُعدُّ غلطاً فاحشاً، إلى أهل البصائر.

وإن ادعى غلطاً يقع مثله، فالذي ادعاه ممكن لا ينافى الأمانة، والخبرة، فيقبل ذلك منه، مع يمينه.

ولو ادعى غلطاً فاحشاً، فقد قال الأئمة: إن رُدّ قولُه فيما يتفاحش، فقوله مقبول في القدر الذي لا يتفاحش؛ فإن الذي ذكره فيه محتمل، وإنما الزائد هو البعيد، فقوله في القدر الزائد على المحتمل مردود، وقوله في المحتمل مقبول.

وسنذكر لذلك نظيراً في العِدَّة، فنقول: يتصوّر أن تنقضي عدّةُ ذات الأقراء باثنين وثلاثين يوماً وساعتين، فلو ادعت انقضاء العدة بأقلَّ من هذه المدة، لم تصدق، فإذا مضت المدة التي يتصوّر الانقضاء فيها، فتصدق الآن، وتكذيبها قبل هذا لا يوجب تكذيبها في المحتمل الممكن.

٢٠٢٨ - ولو ادعى المخروص عليه تفاوتاً يقع مثله بين الكيلين، بأن يفرض [إيفاءٌ] (١) في كَرَّةٍ من غير قصد، واقتصاد في الأخرى، [مثل] (٢) أن يقول الخارص: "مكيلةُ الرطب تمراً مائةُ صاع"، فإذا خرج تسعةً وتسعين، فقد يكال، فيخرج مائة في الكرة الثانية، فقد ذكر الصيدلاني والعراقيون وجهين في ذلك، وتصويرها: أن يزعم المخروص عليه أن هذا النقصان كان لزلل قريب في الخرص. ويقول الخارص: بل هو لتفاوتٍ وقع في الكيل، وكان قد فات التمر (٣) مثلاً. فمن يُصدِّقُ المخروصَ عليه، فتأويله الحملُ على ذلك في الخرص. ومن لم يصدِّقْه يقول: لم يتحقق النقص.

والذي أراه تصحيحُ الوجه الأخير.


(١) "انفا" بهذا الرسم وبدون نقط في الأصل، (ط)، (ت ٢)، (ك). وفي (ت ١):
انفا. والمثبت قراءةٌ منا، نرجو أن تكون صحيحة. والمعنى: "يفرض إيفاءٌ في كرة، وعدم إيفاءٍ في الأخرى".
(٢) في الأصل، (ط)، (ت ٢)، (ك): ثم. والمثبت من (ت ١).
(٣) فات التمرُ: بمعنى أنه حدث فيه تصرف، فلا يمكن إعادةُ كيله كرَّة أخرى.