للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٠٣١ - ثم إذا قطعت الثمار كذلك (١)، فقد قال الشافعي: يؤخذ عشر الثمار، أو ثمَنُ عشرها حقاً للمساكين، وهذا اللفظ فيه تردد.

ونحن نذكر طرق الأئمة مذهباً، ثم لا يخفى تنزيل اللفظ عليها.

قال قائلون: إن قلنا: القسمةُ [إفراز] (٢) حق، فيجوز إجراء القسمة في عين الرطب، وإن قلنا: القسمةُ بيع، فهذا يخرج على أن الرطب الذي لا يتأتى منه التمر، هل يجوز بيعُ بعضه ببعض؟ وفيه خلاف سيأتي في كتاب البيع، إن شاء الله تعالى. فإن جوزنا بيع بعضه ببعض، جازت القسمة، وإن منعنا البيع، منعنا القسمة. وهذا القائل يقول في نص الشافعي إنه تردّد منه وإشارةٌ إلى القولين.

فإذاً، إذا جوزنا القسمة، فلا كلام. وإن منعناها -وحق المساكين ثابت (٣) في عين الثمار- فالوجه تسليم جملة هذه الثمار إلى الساعي، حتى يصير قابضاً لمقدار حق المساكين؛ إذ ملكهم إنما ينحصر في هذه الثمار (٤ إذا اتصل القبض بها، والقبض في المشاع إنما يجري بتسليم الكل، والقسمة ممتنعة على ٤) هذا القول، فإذا تعين ملك المساكين بيع جميعُ الثمار وسُلم حصةُ المساكين في الثمن إلى الساعي.

ولو اشترى المالك حصة المساكين مشاعاً، جاز بعد جريان الإقباض كما ذكرناه.

فأما إذا ابتاعه من الساعي قبل تصوير الإقباض، أو فرض اشتراك الساعي، وربّ الثمار في بيع الجميع، فهذا غير جائز؛ فإن حق المساكين إنما يتعيّن وينحصر بالقبض، ونحن وإن قلنا: إنهم يشاركون ربَّ المال في جزءٍ استحقاقا، فلرب المال أن يوفي حقوقهم من مالٍ آخر، فلا يصلح ما نقدره لهم من الملك للتصرف. نعم إذا جرى فيه القبض، تحقق الملك على الأقوال كلها.

٢٠٣٢ - وذكر صاحب التقريب طريقةً أخرى. فقال: المحذور من القسمة في


(١) "كذلك": أي في هذه الحالة.
(٢) في الأصل، (ط)، (ك)، (ت ٢): إقرار. والمثبت من (ت ١).
(٣) ساقطة من (ت ١).
(٤) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).