للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول الذي انتهى التفريع إليه أنها بيعٌ، وبيع الرطب بالرطب ممنوع، في قواعد الربا، والربا غير معتبر (١) في المقاسمة التي تقع مع مستحقي الزكاة، فيجوز قسمةُ الرطب، وإخراج العشر منه، وإن كنا نمنع قسمةَ الرطب بين الشركاء؛ وذلك أن تعبدات الربا إنما تراعى في البَيْعات (٢) الخاصة بين المتعاملين المتعينين، فأما تصرف الإمام لأقوام لا يتعينون، فلا يراعى فيه تعبدات الربا. وقد يقع تصرف عام يمتنع إجراء مثله على الخصوص.

ثم زيف هذه الطريقة، وهي مزيفة. والشارع لم يخصص تعبدات الربا بتصرف دون تصرف.

٢٠٣٣ - وذكر أئمة المذهب طريقة أخرى، فقالوا: لا مدخل للأبدال في الزكوات في أصل المذهب، ولكن إذا مست حاجةٌ ظاهرةٌ إلى إخراج البدل، حكمنا بجوازه. وقد ذكرنا ترددَ الأصحاب في إخراج البدل عند مسيس الحاجة إليه، بسبب وجوب شقصٍ من حيوان. فإذا تعلق حق المساكين بالثمار، وعسرت القسمة؛ تفريعاً على منع قسمة الرطب، وقد يتعذر البيع، فإذا أخرج من عليه العشرُ بدلاً، أجزأ، لهذه الحاجة؛ فإن الأصل الذي به استقلال الزكوات سدُّ الحاجات، فإن كان تَعبّدٌ (٣) وراء حصول ذلك، فهو متبع، ولكن [لا] (٤) يبعد سقوط ذلك التعبد لحاجة، وقد تمهد هذا مذهباً وخلافاً. فإذاً يجوز إخراج القيمة في هذه الصورة إذا حكمنا بتعذر القسمة.

٢٠٣٤ - وذكر بعض الأصحاب وجهاً آخر، فقالوا: نحن وإن حكمنا بأن القسمة بيعٌ، فقد نجيزها للحاجة، حيث نمنع صريح البيع، وهؤلاء جوزوا قسمة الأوقاف للحاجة، وإن امتنع بيعها؛ فإذاً يجوز قسمة الثمار، وإن منعنا بيعها، تخريجاً على هذا.


(١) في (ت ١)، (ت ٢): ممتنع.
(٢) (ت ١): البياعات.
(٣) في (ط)، (ك)، (ت ٢): يبعد.
(٤) مزيدة من (ت ١)، (ت ٢).