فأما ما لا يتأتى منه التمر والزبيب ولو جَفَّا، فسدا، فحكم الزكاة الأخذُ منه، فإنه المنتهى، وليس يُرقب فيه جفاف، ولكن لو أخذ الساعي العشر، كان ذلك قسمةً في الرطب، وقد ذكرنا أن قسمة الرطب قد لا تصح.
والتفصيل فيه: أنّا إذا قلنا: القسمة إفراز حق، فيجوز ذلك، والوجه إخراج العشر منه. وإن قلنا: القسمة بيعٌ، ففي بيع ما لا يقبل الجفاف بمثله خلاف، وإن جوزنا البيعَ، جازت القسمة، وإن لم نجوز البيعَ، فقد تقدم التفصيل في القسمة فيما تقدم، حيث ذكرنا جداد الثمرة التي أصابها عطش.
فإذا كان جنس الرطب بحيث لا يجفف، فهو بمثابة ما لو صار كذلك بآفةٍ وعطش.
وفي ذلك عندي بقيةُ نظر: وذلك أنا إذا قلنا: لا يستحق المساكين جزءاً من المال، فليس تسليم جزء إلى الساعي قسمةَ عندي، بل هو أداء حق (١) المساكين، سِيما إذا غلَّبنا الذمةَ، والتعلقَ بها، فلا يؤثِّر الإشكال في القسمة إلا على قولنا: إن المساكين يستحقون جزءاً من المال. وهذا مما يجب التنبّه له، وهو الذي وعدناه في آخر فصل العطش. والله المستعان.
...
(١) عبارة (ت ١): "بل هو أداء حق مستحق، يسمى إذا غلبنا الذمة". و (ت ٢): "بل هو أداء حق المساكين سواء إذا غلبنا الذمة".