للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما من قال: نعتبر في النصاب جميع أزمان الحول، كدأبنا في زكاة الأعيان، حتى لو نقص السعر، ورجعت القيمة إلى أقل من النصاب، انقطع الحول، فهذا القائل قد لا يسلّم أن الربح الحاصل في آخر الحول فيه الزكاة، وقياسه يقتضي أن نقول إذا ظهر الربح في أثناء الحول بارتفاع السعر، فظهوره بمثابة نضوضه (١)، وسنذكر اختلاف القول في أن السلعة إذا نضت في الأثناء، وظهر الربح ونضّ، فهل نضم الربح، أو نبتدىء له حولاً، كما (٢) يحصل ناضاً؟ هذا ما لا بد منه.

ولكن حكى الأئمة القطعَ بإيجاب الزكاة في الربح إذا لم ينضّ في وسط الحول.

وسبب ذلك أن أئمة المذهب ينقلون القولَ الضعيف، ثم إذا توسّطوا التفريعَ، لا يفرعون إلا على الصحيح، فوقع القطع تفريعاً على الصحيح، وهو أن الاعتبار في النصاب بآخر الحول. هذا إذا اشترى سلعة، فزادت قيمتُها بالسوق، ولم تنض في خلال الحول.

٢١٠٧ - فأما إذا اشترى سلعة بعشرين، ومضت ستة أشهر، فباعها عند ارتفاع السعر بأربعين ديناراً، فمضت ستة أشهر أخرى، أما حول العشرين، فقد تم، والكلام في الربح الناضّ، الذي حصل في خلال السنة، ومضى بعد حصوله ستة أشهر، وفيه نصان، فالذي نقله المزني في هذا الباب أن ذلك الربح الذي ينض يبتدىء حوْله، ولا يضم إلى حول رأس المال. ونصُّ الشافعي في القراض يدل على أنه مضموم إلى أصله في حوله.

والطريقة المشهورة تأصيل قولين في المسألة: أحدهما - أن الربح وإن نضَّ، فهو مضمومٌ إلى أصله؛ فإنه فائدة مستفادة منه، فكان كالنتاج، ولا خلاف أن النتاج في المواشي مضموم إلى الأمهات في حولها، كما تقدم بيان ذلك.

والقول الثاني - وهو المرضي، وهو الذي فرَّع عليه ابن الحداد -أنا نستأنف حولاً


(١) نضَّ العَرْض: أي صار نقداً، ببيع أو معاوضة، فالناضُّ من المال ما كان نقداً، وهو ضد العَرْض. والعَرْض بتسكين الراء، من صنوف الأموال، ما كان من غير الذهب والفضة اللذين هما ثمن كل عَرْض. (الزاهر: فقرة ٣٠١).
(٢) "كما" بمعنى (عندما).