جديداً للربح الذي نضَّ؛ فإنه مالٌ جديد، استفاده، لا من عين ماله القديم، وليس كالنتاج؛ فإنه من أعيان الأمهات، وكأن الربح الذي نضَّ مأخوذ من كيس (١) الطالبين، وسببه الرغبات التي فطرها الله تعالى في النفوس.
٢١٠٨ - ثم ذكر الشيخ أبو علي تردداً للأصحاب في تصوير القولين، وأنا آتي به بيِّناً إن شاء الله تعالى: فلو اشترى السلعة بعشرين، ثم بعد ستة أشهر باعها بأربعين، وبقيت الدنانير إلى آخر الحول، وكان هو على قصد التجارة في أعيان الدنانير، أو كان على عزم أن يشتري بها سلعة، ثم لم يتفق، ففي الربح الحاصل قولان: أحدهما - أنه يعتبر فيه حول مبتدأ من وقعت حصوله.
والثاني: يبنى حوله على حول الأصل، فإذا مضت ستة أشهر، من وقت حصوله، فقد تم حول رأس المال، ووجبت الزكاة فيه، فتجب الزكاة في الربح، وإن لم يمض من وقت حصوله إلا ستة أشهر، قياساً على النتاج في هذه الصورة.
فأما إذا اشترى سلعة بعشرين ديناراً، وباعها بعد ستة أشهر بأربعين، ولم يقصد التجارة، أو قصد قطعها، فمضت ستة أشهر أخرى، ففي المسألة طريقان: من أصحابنا من قال: نخصّ الربحَ بحولٍ قولاً واحداً هاهنا، وهذا ضعيف.
ومن أصحابنا من خرج القولين في هذه الصورة أيضاًً؛ فإنّ تغيُّر قصدِه لا يخرج الربحَ المستفادَ عن كونه ربحاً، ومن يرى الضم فمعوله ضمُّ الفائدة إلى الأصل كالنتاج، وهذا المعنى متحقق في هذه الصورة.
ثم إذا فرعنا على أن الربح إذا نضّ يُفرد بحولٍ، فابتداء حوله من أي وقت يحتسب؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه محسوب من وقت النضوض؛ لأن السعر لو بقي مرتفعاً، ولم تنضّ السلعة، إلا في آخر الحول، فالزيادة مضمومة في هذه الصورة، فالسبب الذي أوجب إفراد الربح حصولُه بطريق النضوض.
والوجه الثاني - أنه يحتسب ابتداء الحول من وقت الظهور؛ فإنه حاصلٌ بالظهور، ولكن لا ثقة بالأرباح حتى تنض، فإذا نضّ، تبينا بالأخرة حصولَ الربح. وتحققَه
(١) أي أن الربح ثمرةُ المهارة في العمل، وليس من عين المال.