للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

٢١١٣ - جمع الشافعي بين أن يشتري الرجل عرضاً بدراهم، أو دنانير، أو نصابٍ من الماشية الزكاتية، ثم قال مجيباً: "حولُ التجارة من يوم أفاد النقدَ أو الماشيةَ" (١). وظاهر كلامه يدل على أن ثمن العرض المشترى لو كان نصاباً من النَّعَم السائمة، فالحول يعتبر من يوم ملك النصاب الزكاتي من السائمة. وهذا غامض.

وقد اعترض عليه المزني فقال: "جمع الشافعي بين النقد والماشية، وليسا سواء؛ فإن زكاة النقد كزكاة التجارة في القدر، فإن ثبتت التجارة على ملك النقد، فهو لتشابه مقدار الزكاة. فأما زكاة الأربعين من الغنم فشاة، فلا يمكن بناء زكاة التجارة عليه" (٢).

قال الأئمة: اعتراض المزني صحيح في المعنى مذهباً، ومعناه مضطرب؛ من جهة أن البناء إن امتنع، فليس سببه الاختلاف بدليل أن الاختلاف، لو منع البناء، لجاز البناء مع الاتفاق، حتى لو باع أربعين من الغنم بأربعين من الغنم، لوجب البناء من جهة اتفاق الزكاتين، وليس الأمر كذلك.

وقد اختلف أصحابنا فيما نقله المزني: فمنهم من قال: هو غالط في النقل، والوجه القطع بأنه لا يبنى على حول السائمة، كالدراهم؛ من جهة أن العرض مقوم بالدراهم؛ فكأن الدراهم موجودة في معنى عرض التجارة وماليته، وإن لم تكن موجودة. وليس كذلك الماشية؛ فإن عرض التجارة لا يقوم بها، فليست الماشية موجودة، ولا معتبرة في معنى العرض. وهذا هو المذهب.

ومن أئمتنا مَنْ أَوّلَ النص على وجهه، فقال: صوّر الشافعي ملك النقد والسائمة وشراء العرض في يوم واحد، وهذا بيّن في لفظة مصرّح به، ثم قال: فحول التجارة من يوم ملك السائمة. فكان هذا إعلاماً منه لذلك اليوم، لا للتأرخ بملك السائمة،


(١) ر. المختصر: ١/ ٢٤٢. وهذا معنى كلام الشافعي، وليس بنص المختصر.
(٢) ر. المختصر: الموضع السابق نفسه.