وذهب الإصطخري إلى أن حول التجارة مبنيٌ على حول الماشية؛ فإنها مال زكاتي، وليس كما لو اشترى عرضاً بعرض؛ فإنها لا تجب الزكاة في أعيانها، واستدل على ذلك بأن حول التجارة مبني على حول النقد، مع أن زكاة النقد زكاةُ العين، وزكاة التجارة زكاةُ قيمة.
وليس (١) هذا بشيء. وقد ذكرنا سببَ بناء حول التجارة على حول النقد فيما تقدم، والوجه القطع بأن من اشترى عرضاً على قصد التجارة بنصابٍ من النعم السائمة، انقطع حول السائمة، وافتتحنا حولَ التجارة من وقت الشراء، والكلام على النص غامض، والوجه التغليط في النقل. وبالجملة لا نترك قواعد المذهب بغلطات الناقلين.
وإذا نجزت هذه الأصول، فإنا نزسم بعدها فروعاً.
فرع:
٢١١٤ - نقل صاحب التقريب عن ابن سريج أنه إذا اشترى مائتي قفيز من الحنطة بمائتي درهم، ثم إذا انقضى الحول، وتمكن من أداء الزكاة، فأتلف الحنطة، وقيمةُ الحنطة يوم الإتلاف مائتا درهم، كما كانت، ثم غلت القيمةُ وبلغت قيمة المائتين أربعمائة درهم، فهذا يفرع على أن الزكاة تخرج من العين أو القيمة؟ وفيه أقوال قدمناها في أصول الباب.
فإن قلنا: الزكاة تخرج من العرض حتماً، فيخرج خمسة أقفزة قيمتها عشرة، وإن قلنا: يتعيّن إخراج القيمة، فإنه يُخرج خمسة دراهم، اعتباراً بالقيمة يومَ الإتلاف، وكان القيمة يومئذ مائتي درهم، وما فرض من زيادة القيمة بعد الإتلاف غيرُ معتبر، ْوهو بمثابة ما لو أتلف الغاصب ثوباً قيمته مائةٌ يومَ الإتلاف. وإن قلنا: يتخير في
(١) من هنا بدأت نسخة هـ ١، ولكنها متلاشية من أطراف الأوراق بسبب بلل يذهب بأكثر من نصف الصفحة أحياناً مما يتعذر معه الاستفادة بها، ولذا لن نعتمدها في المقابلة إلا من أول (باب زكاة المعدن) حيث يخف هذا الأثر. ولكن ذلك لن يمنعنا من اللجوء إليها عند المشكلات، والله المعين.