للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

مقصود هذا الفصل وجوب الزكاة في الديون

٢١٤٣ - فإذا ملك رجل ديناً بالغاً نصاباً على مليّ وفيّ، وكان الدين حالاًّ، فالوجه القطع بوجوب الزكاة إذا حال الحول، ويجب إخراج الزكاة عاجلاً، وقد حكى الزعفراني (١) قولاً في القديم عن الشافعي أن الزكاة في الديون لا تجب أصلاً، وهذا بعيد في حكم المرجوع عنه.

والمقطوع به في الجديد وجوب الزكاة: ثم إن كان الدين مجحوداً وعليه بيّنة، فلا حكم للجحد، وإن كان من عليه الدين معسراً، فهو كالمال المغصوب، فأما الدين المؤجل، ففي بعض الطرق أنه غير مملوك عند بعض الأصحاب، فإذاً لا زكاة فيه.

وهذا وإن كان يُلفى مذكوراً في نقل المذهب، فهو مزيّف غير معتدّ به. وإن قلنا: هو مملوك، فقد اختلف الأئمة فيه: فقال بعضهم: هو بمثابة المال الغائب الذي يسهل إحضاره، ومنهم من جعله كالمجحود والمغصوب، من حيث إنه لا يتوصل إلى التصرف في المؤجل اختياراً. فإن قلنا: ليس كالمجحود، فهل يجب إخراج الزكاة عنه في الحال إذا وجبت؟

فعلى وجهين: والأصح عندي أنه لا يجب إخراج الزكاة؛ فإنه لو أخرج خمسة نقداً [وماله مؤجل، لكان ذلك إجحافاً به، وما يساوي خمسةً نقداً] (٢) يساوي ستةً نسيئة، [ويستحيل] (٣) أن نقنع (٤) بأربعة مثلاً، فالواجب في توقيف الشرع خمسة (٥).


(١) الزعفراني: الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، أحد تلاميذ الشافعي، وجلسائه، ممن روَوا عنه المذهب القديم، بل هو أثبت رواة القديم، قال أبو عاصم: الكتاب العراقي منسوب إليه، ت ٢٦٠ هـ (ر. طبقات السبكي: ٢/ ١١٤ - ١١٧).
(٢) زيادة من (ت ١) وحدها.
(٣) في الأصل، (ط)، (ك): "ويستحب" وهو تصحيف عجيب.
(٤) هنا اضطراب آخر في نسخة (ك) حيث انتهت إلى ص ١٠٢ وانقطع السياق، حيث يلي هذا صفحات من كتاب الحج، ثم يليها صفحات من كتاب الصيام، ثم بعد الصيام يدخل في باب الحج من أوله، مما يعني أن هنا خرما ذهب بباقي كتاب الزكاة، وأوائل كتاب الصوم.
(٥) المعنى أنه يستحيل أن نرضى من صاحب الدين بأربعة حالّة، لتكون في قيمة الخمسة الواجبة =