للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحصل عند اجتماعهما خلقة (١).

وذكر العراقيون قولين في اللحم، وهذا فيه بعدٌ؛ فإن الإلحاق بالأقِط فيما قدمناه يقرب من إلحاق الشيء بالشيء إذا كان في معناه، أو يتصل بالتشبيه الظاهر، واللحم بعيد، ولكن كأنهم اعتقدوا الأقِط أصلاً للنص فيه، وترقَّوْا منه إلى اللبن؛ لأنه يقوت، ثم قالوا: إنما يقوت من حيث إنه عصارة اللحم؛ فارتقَوْا منه إلى اللحم.

فهذا إجمال القول الكلي فيما يجري في الأجناس.

٢٢٥٦ - والكلام بعد ذلك في الأشخاص والبلاد:

أولاً - ذكر بعضُ أصحابنا قولاً مطلقاً: إنه يجزىء الصاع من كل جنس من هذه الأجناس، من كل شخص في كل حالٍ، وهؤلاء تمسكوا بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: "صاعاً من تمر أو صاعاً من بر أو صاعاً من شعير"، وأظهر معاني (أو) التخيير، وهذا غير سديد؛ فإن ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم [يُورده] (٢) مخيراً، وإنما أراد الإشارة إلى معظم الأجناس (٣ في أحوالٍ مختلفة ٣)، وهذا يضاهي قولَه تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: ٣٣].

فلا عود إلى هذا القول.

والمذهب المبتوت أن القول في إجزاء هذه الأجناس يختلف باختلاف الأحوال.

ثم اختلف أئمتنا فيما حكاه العراقيون من (٤) المعتبر في ذلك، فقال بعضهم:


(١) في (ط): صلفه.
(٢) في الأصل: لم يرده.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (ط).
(٤) كذا في الأصل، وهي صحيحة؛ لأن (مِنْ) تاتي مرادفة لـ (في) قاله ابن هشام في مغني اللبيب: ٤٢٤. وأما (ط) فاختارت (في)، ولكن الصواب ما جاء في الأصل لسببين: الأول: أن (ط) منسوخة بخط حديث في القرن الرابع عشر الهجري. =