للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعتبر القوت الغالب في البلد، حتى لو عم البرُّ لم يجزه غيرُه (١). وإن كان في البلد من يليق به اقتيات الشعير. وإن عم الشعير أجزأه، عن الكافة، وإن كان يليق بالأغنياء أن يقتاتوا البر، فهو أوجه.

ومن أصحابنا من قال: يُخرج كل (٢) واحد ما يليق بمنصبه في الاقتيات، فعلى هذا لا نظر إلى ما يعم في البلد، وإنما النظر إلى ما يليق بحال كل شخص.

٢٢٥٧ - التوجيه: من اعتبر حالَ كل شخص، فوجهه أن عموم أمر لا يليق بحال الشخص لا يغير منصبه، وكما يعتبر وِجدانه وفِقدانُه (٣) الفاضل مِن القوت، فينبغي أن يُعتبر ما يختص بحاله.

ومن اعتبر القوت الغالب رأى النظر في تفاصيل أحوال الناس بعيداً، والأحوال تحول، ومراتب الناس تتبدل وتزول، فالوجه أن يلحق هذا بقاعدةٍ كلية جسيمة، لا يُعرَّج فيها على التفاصيل، ولا يعدَم الناظر أمثلة ذلك.

التفريع:

٢٢٥٨ - إذا أوجبنا جنساً وأخرج جنساً أعلى منه، قُبل، لا شك فيه.

وإن أخرج جنساً أدنى [مما] (٤) وظفناه عليه، لم نقبله منه. وكان شيخي يرى البرّ أعلى الأجناس، ويقول: إن اكتفينا بالرز في موضع، أجزأ البر فيه، وإن كانت قيمة الرز أكثر، فلا نظر إلى القيم، وإنما النظر إلى شرف القوت، وقد تغلو قيمةُ الشعير بسببٍ، ولا يقوم مقام البر، وإن كانت قيمةُ البر دون قيمته. والبر أعلى من التمر والزبيب، والتمر والزبيب كان يتردد فيهما، ولعل الأشبه تقديمُ التمر. والتمر والزبيب إذا أضيفا إلى الشعير، فالأمر فيه متردد، أما التمر فكان يقدمه على الشعير، ويتردد في الزبيب والشعير.


= الثاني: أن القاعدة الصحيحة أنه إذا اختلفت نسختان، وكانت لغةُ إحداهما غير مألوفة والأخرى مألوفة مأنوسة، فالأولى هي الأحق بالاعتماد، طالما كان لها وجه في الصحة؛ وذلك أن الناسخ يميل إلى مألوفه ومعتاده، فيغير ما يظنه مخالفاً للصواب.
(١) ساقطة من (ط).
(٢) عبارة (ط): "يخرج عن كل واحد".
(٣) في (ط): وجدناه، وفقده.
(٤) في الأصل: منه.