للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فرع:

٢٢٦٩ - إذا نوى في أول الليل، ثم أقدم على مفطرٍ بعد النية في الليل، لم يقدح ذلك في النية على ظاهر المذهب؛ لأن ما أتى به غيرُ مناقضٍ للنية؛ فإنه نوى صوم غده، ولو وجب الانكفاف عن المفطرات بعد النية، لصار جزء من الليل ملتحقاً بالصوم.

وذهب أبو إسحاق المروزي إلى أن النية تفسد بمفطر بعدها، والسبب فيه أن النية تنفصل عن العبادة بمناقضٍ، وليس ذلك صوماً، فإنه لو جدد نيةً بعد ذلك، أجزأه الصوم نهاراً، إنما المحذور انفصال النية عن أول العبادة.

فإن قيل: نفس الليل فاصلٌ، قلنا: الضرورة سوغت احتمالَ هذا الفصل؛ فإن تكليفه قرْنَ النية بأول الصوم عسر، فاحتمل. فأما الإقدام على مفطر بعد النية، فمما لا ضرورة (١) فيه. وقيل رجع أبو إسحاق عن هذا عامَ حجِّه، وأشهد على نفسه.

وذكر العراقيون أمراً آخر، قريباً مما ذكرناه، فقالوا: من أصحابنا من قال: من نوى في الليل، ثم نام كما (٢) نوى، ولم ينتبه إلى طلوع الفجر، صح صومه، ولو تنبه، لزمه تجديد النية قبل الصبح، وكأن هذا القائل يبغي تقريبَ النية من أول العبادة جهده، ولكنه يعذر النائم، فإن المنع من النوم وتكليفَ السهر إلى آخر الليل، يجر ضرراً بيناً. نعم إذا تنبه وتذكر، فلا عذر في تركه تجديدَ النية.

وهذا بعيدٌ، لا أصل له، ولكنهم نقلوه وزيفوه. وفي كلامهم تردّدٌ في أن الغفلة هل تتنزل منزلة النوم.

والمذهب اطراح هذا الأصل بالكلية.

وكل ما ذكرناه من اشتراط التبييت، فهو في الصوم المفروض.

٢٢٧٠ - فأما صوم التطوع، فيصح بنية تنشأ نهاراً قبل الزوال، ومعتمد المذهب الأحاديث، منها: أنه صلى الله عليه وسلم كان يطوف الغدوات على حُجر نسائه، فإن


(١) كذا في النسختين، ولعلها: " فمما لا ضرر فيه".
(٢) أي عندما نوى.