للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجد طعاماً أكله، وإن لم يجد، قال: إني إذن أصوم (١). والذي يقتضيه القياس تنزيلُ النفل منزلة الفرض، في وقت النية، ولكنا صرنا إلى ما صرنا إليه للخبر.

ولو جرت النية بعد الزوال، ففي المسألة قولان: أحدهما - لا يصح الصوم؛ لمضي معظم النهار خلياً عن النية، وللمعظم أثر في العبادات، على حال.

والقول الثاني- أن الصوم يصح؛ فإنه متطوَّع به، والمتطوِّع بالخيار إن شاء أقل، وإن شاء أكثر.

فإن شرطنا بقاء المعظم، فالذي أطلقه الأصحاب في ذلك الزوالُ، ولا شك أن الزوال منتصفٌ إذا حسب الأول من شروق الشمس، فإذا حسب النهار الشرعي من طلوع الفجر، فالمنتصف يقع ضحوة.

وكان شيخي يتردد في هذا، وقد تردد فيه أصحاب أبي حنيفة (٢) إذ اشترطوا إيقاع النية قبل الزوال، ولعل من اعتبر الزوال، اعتبره لأنه بيّن، وضبطُ وسط الوقت مع الاحتساب من طلوع الفجر عسر. ولا خلاف أن النهي عن السواك منوط بما بعد الزوال؛ فإن المرعي [فيه] (٣) ظهور الخُلوف، وهذا في الغالب يختص بما بعد الزوال.

٢٢٧١ - ثم إذا صححنا صومَ التطوع بنيةٍ تنشا نهاراً، فقد اختلف أصحابنا في أن المتطوع صائمٌ من وقت نيته، أو ينعطف حكم الصوم إلى أول النهار؟ فالذي ذهب إليه القياسون أنه صائم من وقت نيته؛ فإن النية قصدٌ وعزم، ولا انعطاف لواحدٍ منهما، والمنقضي على حكمٍ لا يُتصور تقديرُ انقلابه عنه، بسبب قصدٍ لا أثر له فيه (٤).


(١) حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يطوف على حجر أزواجه .. رواه مسلم: الصيام، باب جواز فطر الصائم نفلاً من غير عذر، ح ١١٥٤ وأبو داود: الصوم، باب الرخصة في ذلك، ح ٢٤٥٥، وابن حبان: ح ٣٦٢٠، والدارقطني: ٢/ ١٧٥، ١٧٦.
(٢) ر. مختصر الطحاوي: ٥٣، طريقة الخلاف للأسمندي: ٣١، مسألة ١٣.
(٣) ساقطة من الأصل.
(٤) ساقطة من (ط).