للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقدّم. وجَبُن (١) بعض الأصحاب، فمنع هذا، صائراً إلى أن [الخوض في] (٢) الاعتكاف في مسجدٍ يوجب إتمامه فيه، وإنما الكلام فيما قبل الشروع. وهذا ساقطٌ، لا أصل له، فينبغي ألا يعتد به.

٢٣٨٤ - عاد بنا الكلامُ إلى ما ذكره الشافعي، إذ قال: " الاعتكاف في المسجد الجامع أحب إليّ "، وإنما قال ذلك، لكثرة الجماعة في المسجد الجامع، وقد يزيد أمد اعتكافه المتتابع على أسبوع، فإذا كان في الجامع، لم يحتج إلى الخروج عن معتكَفه. وقد بنى الشافعي قولَه هذا على تعيّن المسجد؛ فإنه عوّل في تعويل الاستحباب، على أنه لا يحتاج إلى الخروج من معتكفه للجمعة، وإذا قلنا: لا يتعين المسجدُ، فلا يمتنع فرضُ خروجٍ لقضاء [الحاجة] (٣) مع العود إلى الجامع، كما مهدنا في المقدمة صورَ الوفاق والخلاف.

ثم يتصل بهذا الفصل أنه [إن] (٤) عيّن غير الجامع، وزاد أمد اعتكافه على الأسبوع، فيلزمه الخروج إلى الجمعة، فإذا عيّنَّا المسجدَ بالنذر، ثم أوجبنا الخروج، فهل ينقطع (٥) التتابع؟ فيه اختلاف [قولٍ] (٦) وله نظائر، سأذكرها مجموعةً في فصلٍ، بعد ذلك.

والذي [ننجزه] (٧) هاهنا: أن نذره لا ينتهض عذراً في جواز ترك الجمعة؛ فإنه هو الذي أدخل على نفسه هذا التضييق، والعسر (٨)، فليتأمل الناظر ذلك.

وإن لم يعين المسجدَ، فلو خرج لحاجةٍ، ثم عاد على قُربٍ، من الزمان


(١) وصف عجيب، ينبئ عن حدّةٍ في طبع إمامنا الجليل، وعن إيمانه بالقواعد والمعاقد التي يضعها، للالتزام بها، والتفريع عليها.
(٢) زيادة من (ط).
(٣) في الأصل، (ك): حاجة.
(٤) مزيدة من (ط).
(٥) (ط): يتقاطع.
(٦) في الأصل، (ك): قوله.
(٧) في الأصل، (ك): ننحوه.
(٨) (ط): والعَنْس. (وفيها معنى الاحتباس). (المعجم والمصباح).