للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوفاء، قولاً واحداً. وخرّج آخرون المسألة على قولين في المسجدين: مسجد المدينة، ومسجد إيليا (١).

وتفصيل ذلك والتفريع عليه يُستقصى في كتاب النذور -إن شاء الله تعالى-.

فأما إذا عين مسجداً غير المساجد الثلاثة في سياق نذر الاعتكاف، ففي تعيين المسجد وجهان: أحدهما - أنه لا يتعين، كما لا يتعين للصلاة. والثاني - أنه يتعين، وهو ظاهر النص، والسبب فيه أن الاعتكاف في الحقيقة انكفافٌ عن الانتشار في سائر الأماكن والتقلب فيها، كما أن الصوم انكفاف عن [أشياء زمناً] (٢) مخصوصاً، فنسبة الاعتكاف إلى المكان، كنسبة الصوم إلى الزمان.

ولو عين الناذر يوماً بعينه [لنذر] (٣) صومه، تعين اليوم، على المذهب الأصح، فليتعيّن المسجد بالتعيين أيضاًً، ثم إذا تعين ما سوى المساجد الثلاثة (٤)، فتعيّنها أولى. وإن لم يتعين ما سواها، ففي تعيينها القولان المذكوران في الصلاة، وينبغي أن يكون صَغْو الفقيه إلى [كون] (٥) التعيين أليق بالاعتكاف منه بالصلاة.

وهذا يقتضي ترتيباً في محل الخلاف: فإذا ثبت ذلك، قلنا بعده: لو عين مسجداً لنذره، فليلتزمه، وإن أقام الاعتكاف في غيره، لم يُعتدّ به. وإن قلنا [إنه] (٦) لا يتعين، فلو [خاض] (٧) في الاعتكاف في مسجدٍ كان عينه، ثم خرج لقضاء حاجةٍ، وعاد إلى مسجدٍ آخرَ، على مثل مسافة ذلك المسجد، أو أقرب [منه] (٨) ثم اعتاد ذلك مثلاً في كل خرجة، فقد اختلف أئمتنا: فقال بعضهم: يجوز، وهو القياس؛ فإنه آتٍ بالاعتكاف، ولا تعيُّنَ، والخرجات لقضاء الحاجات مقتصدةٌ على الضبط


(١) إيليا: اسم مدينة بيت المقدس؛ قيل: معناه: بيت الله. (معجم البلدان).
(٢) في الأصل، (ك): انتشارٍ ما.
(٣) في الأصل، (ط): كنذر.
(٤) في الأصل، (ك): الثلاث. وهو جائز حيث تقدّم المعدود.
(٥) مزيدة من (ط).
(٦) مزيدة من (ط).
(٧) في الأصل، (ك): فاض.
(٨) مزيدة من (ط).