للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعتكافه، وهذا باطلٌ [عندنا] (١)؛ فإن انحصاره في المسجد هو الاعتكاف، إذا اقترنت به النية.

وفي بعض التصانيف (٢) إضافة مذهب مالك إلى الشافعي على البت (٣)، وهذا غلطٌ صريح، ولو جاز أن نعول على ما ذكره مالك، لامتنع الاعتكافُ رأساً، فإن صاحبه اتخذ المسجد بيتَه، ومسكنه، فلا حاصل لهذا، لا نقلاً، ولا تعليلاً.

٢٣٨٧ - ثم قال الشافعي: ولا يُفسده سباب، ولا جدال، والأمر على ما قال.

لا يَفسدُ الاعتكافُ بهذا، كما لا يفسد الصوم بمثله.

قال الصيدلاني: ولكن يذهبُ أجرُه بذلك، وتفوته الفضيلة، وليس الكلامُ في الأجر والفضيلة من شأن الفقهاء، فلا حاصل لما ذكره، والثواب غَيْب لا مطَّلع عليه.

وإن ورد خبر في أن [الغِيبة] (٤) تُحبط الأجرَ، فهو تهديد مؤوَّل، وقد يرد مثله في الترغيب.

ثم ذكر الشافعي في أثناء الكلام: أن صاحب الاعتكاف المتتابع لا يخرج لشهود الجِنازة، فإن أدخلت الجنازة رحبةَ المسجد، وهي من المسجد، فلا كلام، وإن خرج لقضاء حاجته، فصادف جنازةً على الطريق، فصلى عليها، فلا بأس؛ فإن الزمان قريب.

فليتخذ الفقيه هذا معتبرَه، وليثق بما ذكرناه في الوقوف للعيادة، ولا يزْوَرُّ (٥) للصلاة على الجنازة.


(١) في الأصل، (ك): عندي.
(٢) يتأكد هنا أن المراد ببعض التصانيف كتب أبي القاسم الفوراني، حيث يرفض إمامنا إضافته مذهب مالك إلى الشافعي وحكايته على أنه مذهب الشافعي مروي عنه، وقد أكد السبكي أن حملة إمام الحرمين على الفوراني، إنما هي من جهة تضعيفه في النقل (ر. الطبقات: ٥/ ١١٠).
(٣) (ك): اللبث.
(٤) الأصل، (ك): الفتنة.
(٥) ط: يرون، ويزورّ: أي يميل عن طريقه.