للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن فرض المستأجِر، ولكنها تقع عنه تطوعاً.

وهذا بعيدٌ؛ فإن تطوع الحج لا يسبق فرضَه، غيرَ أن هذا القائل يجعل العَضْب الناجزَ، بمثابة الرق، والعبدُ إذا حجَّ، ئم عَتَق، فما سبق من الحج -في الرق- تطوّعٌ، [متقدمٌ] (١) على فرض الإسلام.

وهذا بعيدٌ، لا أصل له، فإن حكمنا بأن الحج يقع عن المستأجر تطوعاً، فالأجير يستحق الأجرةَ، وإن قلنا: لا ينصرف الحج إلى المستأجر أصلاً، فهل يستحق الأجير الأجرة، فعلى وجهين مشهورين: أحدهما - أنه لا يستحقها؛ فإنه كان مستأجَراً على تحصيل الحج لمستأجِره، ثم تبين أنه لم يحصل له.

والوجه الثاني - أنه يستحق الأجرةَ، لأنه عمل في الظاهر ما التمس منه، ولم يقصر فيه.

والأصح استرداد الأجرة؛ من جهة أن الحجَّ وقع عن الأجير، ويبعد أن يقع الحج له، ويستحق الأجرة على غيره، على مقابلة الحج الواقع عنه، وهو في التقدير بمثابة ما لو قال: استأجرتك للحج عن نفسك، ولا فصل إلا العلم والجهل، وجهاتُ الاستحقاق لا تختلف بالجهل، والعلم.

فإن قلنا: لا يستحق الأجرة، فلا كلام. وإن قلنا: إنه يستحقها، فقد اختلف أصحابنا على ذلك، فقال بعضهنم: يستحق الأجرة المسماة.

وقال آخرون: يستحق أجرة المثل.

وينبني، على هذين الوجهين القولُ في أنا هل نتبين فساد الإجارة؟ فإن أثبتنا المسمّى، فالاستئجار صحيح، وإن أثبتنا أجرةَ المثل، فقد قضينا بتبيّنِ فساد الاستئجار.

وقال شيخي: إذا حكمنا بأن الحَجةَ تقع تطوعاً عن المستأجر، فلا يمتنع (٢) تخريج الخلاف في أجرة المثل، والمسمى؛ فإن الواقع ليس هو الذي وقع الاستئجار عليه،


(١) في الأصل، (ك): يتقدّم.
(٢) (ط): يتسع.