للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرع:

٢٤٣٦ - قد ذكرنا أن الاستنابة لا تصح إلاّ من معضوبٍ موصوف بزمانة، لا يُرجى زوالُها، في غالب الظن، فلو استأجر والحالة هذه، ثم استمر العضبُ حتى مات، وقع الحج موقعه.

ولو حج الأجير في قيامِ العضب، ثم اتفق زوالُ العضب -على ندورٍ-[و] (١) الاستمكانُ من المباشرة، ففي المسألة قولان: أصحهما - أنا نتبين أن الحج غيرُ منصرفٍ إلى المستأجر. والثاني - أن الحج منصرفٌ إليه، على (٢) غالب الظن، في لزوم العَضْب. وشبه الأئمةُ القولين فيما ذكرناه، بالقولين فيما لو رأى الرجل سواداً مقبلاً، حسبه عدواً، لا طاقة له به؛ فصلى صلاة الخوف، ثم تبين أن الذي حسبه، لم يكن، ففي صحة الصلاة قولان.

فإن قيل: كيف وجهُ التشبيه، والعضب هاهنا متحَقَّقٌ، غيرُ مظنون؟ قلنا: العضب المعتبر، هو الدائم إلى الموت، وصحةُ الحج بطريق الاستنابة، لا تعتمد تنجّز العضب في الحال، وإنما يعتمد جواز الاستنابة غلبةَ الظن، بدوام العضب.

فلو لم تكن الزمانة بحيث لا يُرجى زوالها، فقد ذكرنا أن جواز الاستنابة لا يعتمد، [مثل] (٣) هذه الزمانة.

فلو استأجر أجيراً، وهو على رجاءٍ ظاهرٍ من زوال الزمانة، فاستمرت الزمانةُ إلى الموت، فقد ذكر الأئمة في ذلك قولين أيضاًً، وخرجوا الاختلاف في الصورتين على أنا نعتبر الحال [أو] (٤) نعتبر ما يُفضي إليه الأمر في المآل.

٢٤٣٧ - وتمام الكلام في الفرع: أنا إذا حكمنا بأن الحج ينصرف إلى المستأجِر، فلا شك أن الأجرة مستحَقّةٌ للأجير، وإن حكمنا بأن الحجة غيرَ منصرفةٍ إلى المستأجِر، فقد ذكر شيخي عن شيخه القفال، أن من أئمتنا من يقول: لا يقع الحج


(١) مزيدة من (ط).
(٢) " على " هنا بمعنى لام التعليل، وهو منصوصٌ عليه عند أهل اللغة. والمعنى: ينصرف الحج إليه بسبب غلبة الظن في لزوم العضب، وعدم زواله.
(٣) في الأصل، (ك): قبل.
(٤) في الأصل، (ك): ونعتبر.