للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو تكلف غيرُ المستطيع وحضر المشاهدَ، وشرع في الحج، فأفسده، فقضاؤه يقع عن فرض الإسلام؛ فإن الأداء لو تم، لكان فرضَ الإسلام.

فليتأمل الناظرُ المنازلَ، في التطوع، وما لم يستقر في الذمة، مما لو وقع، لكان فرضاً.

فصل

قال: "ولو كان يُجَن ويُفيق ... إلى آخره" (١).

٢٤٤٨ - الجنون ينافي توجّه الخطاب بالحج، فإن الاستنابةَ وإن كانت ممكنةً في الحج، فهو عبَادةٌ بدنية، والغرض منه التعبد بأدائه، أو توجيه الخطاب عنه (٢) بالاستنابة فيه، فإذا لم يكن المجنون ممن يؤدي بنفسه، ولم يتأت توجّه الخطاب عنه بالاستنابة، فيسقط فرض الحج عنه- بخلاف الزكاة؛ فإن الغرض الأظهر منها الإرفاق.

فلو كان الرجل يجن ويُفيق، فأفاق وامتدت إفاقته مدةً تسعُ الحجَّ، فقد استقر الحج في ذمته، وقد مضى استقرار الحج.

ولو لم تبلغ مدةُ إفاقته مدةً تسع الحجَّ، فليس لوليه أن يحج به من ماله، فلو فعل، فالنفقة الزائدة لأجل السفر مضمونةٌ على الوليّ، ولو خرج الوليّ به، وكان يُجن أياماً، ويُفيق أياماًً، فاتفق أنه أفاق في أيام الحج، وتم منه الحج على الصحة، فما بذله الوليّ من ماله محسوبٌ، غيرُ مضمون؛ فإنه تأدى بسبب بذله فرضُ الإسلام. وإنما يجب الضمان، إذا لم يكن الحج الحاصلُ واقعاً عن فرض الإسلام.

٢٤٤٩ - ومما يتعلق بما نحن فيه، أن المبذر محجورٌ عليه، في ماله، كالمجنون، والصبي، ولكن ليس لولي الصبي والمجنون بذلُ مالهما، في تحصيل الحج لهما، ووليّ المبذّر يبذل مالَه ليحج، ويخرج معه بنفسه، ويُنفق عليه


(١) ر. الأم: ٢/ ٩٤. ولم أصل إليها في المختصر.
(٢) ساقطة من (ط).