للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن لم تجد محرماً، ولم يساعدها زوج] (١)، واتفق جمعٌ من النسوة الثقات، يصطحبن، فذلك يبعدهن من تقدير الطمع فيهن، فمن أصحابنا من أوجب عليهن الخروجَ في رفقةٍ مأمونة. ومنهم من لم يوجب ذلك، حتى يكون مع واحدةٍ فيهن محرم. وهذا اختيار القفال، فإنهن قد ينوبهن أمرٌ، فيستعنّ بالتي لها محرم، ويستظهرن به.

ولم يشترط أحد من أصحابنا أن يكون مع كل واحدة منهن محرم.

وما اختاره القفال حسن بالغ، يعضده حكم الخلوة؛ فإنه كما يحرم على الرجل أن يخلو بامرأة واحدةٍ، فكذلك يحرم عليه أن يخلو بنسوة، ولو خلا رجل بنسوة، كان محرمَ واحدةٍ منهن، فلا بأس.

وكذلك إذا خلت امرأة برجالٍ، واحدهم محرمٌ لها، جاز. ولو خلا عشرون رجلاً

بعشرين امرأةٍ، وإحداهن محرم لأحدهم، أو زوجةٌ، كفى ذلك.

وقد نص الشافعي على أنه لا يجوز للرجل أن يؤم بنساء منفردات، فيصلي بهن، إلا أن تكون إحداهن محرماً له.

٢٤٥٥ - ثم من لطيف القول في هذا الفصل: أنها إذا عدِمت محرماً، أو زوجاً، وباقي الصفات في الاستطاعة ثابتةٌ، فالقول في المنع من الخروج ما ذكرناه، ويبتني عليه أَنْ لا استطاعةَ قطعاً، ولو تمادى الأمر كذلك إلى الموت، فلا نقضي باستقرار الحج في ذمتها. وقال بعض أصحاب أبي حنيفة (٢): يستقر الحج، وإن كان يمتنع الخروجُ. وهذا متناقضٌ لا أصل له.


(١) ما بين المعقفين ساقط من الأصل، (ك).
(٢) يختلف الأحناف هل المحرم أو الزوج شرط وجوب أم شرط أداء؟ ومقتضى كونه شرط وجوب أن الحج لا يستقر في ذمتها، ومقتضى كونه شرط أداء أن الحج يستقر في ذمتها. والقائل من الأحناف أنه شرط أداء هو القاضي أبو خازم، أما الإمام أبو حنيفة فيقول: إنه شرط وجوب.
ولا يفوتنا التنبيه إلى دقة عبارة إمامنا حيث نسب القول باستقرار الحج في ذمة المرأة إلى بعض أصحاب أبي حنيفة وليس إلى أبي حنيفة، ولا إلى كل أصحابه (ر. البدائع: ٢/ ١٢٣، ١٢٤، البحر الرائق: ٢/ ٣٣٩، ٣٤٠، وحاشية ابن عابدين: ٢/ ٣٣٩، تبيين الحقائق: ٢/ ٤، ٦، فتح القدير: ٢/ ٣٢٩، ٣٣٢).