للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكة، مع الاضطرار إلى قطع كله في الانصراف.

ثم قال الأئمة: النسوة أولى بأن لا يجب عليهن ركوبُ البحر، لأنهن عوراتٌ، والبحر هتّاك للأستار؛ فإن جعلنا المسألة على قولين في الرجال، ففي النسوة قولان مرتبان، والفرق ما ذكرناه.

وإن لم نوجب ركوبَ البحر، ولم يكن البحر معروفاً بالإهلاك، فلا يُنكر الأمر بركوبه استحباباً، ولا نرى الأمر ينتهي إلى دفع ذلك.

ولو كان مُخْطِراً (١)، فإن غلب [على] (٢) الظن الهلاكُ، حرم الركوب، وفاقاً، وتأسياً بقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥].

وإن استوى الأمران، ولم يقض العقل بتغليب الهلاك، أو السلامة، فقد كان شيخي يقطع بتحريم الركوب أيضاًً. وفيه نظر. وللأصحاب مرامز إلى نفي التحريم في مثل ذلك. أما الكراهيةُ فكائنةٌ، لا شك فيها.

واضطرب الأئمة في ركوب البحر المُخطِر، والمقصودُ الجهاد، فمنهم من استمر على التحريم؛ فإن الخطر المحتمل في الجهاد ما يَلقى الغزاة من جهة القتال.

وقال قائلون: لا يحرم الركوب في جهة الغزو؛ فإن التواصل (٣) إلى المقصود يناسبه، فإذا كان المقصود على الغرر، لم يبعد احتماله في التسبب.

فصل

٢٤٥٤ - والمرأة كالرجل في التزام الحج عند ثبوت الاستطاعة، وما ذكرناه في الرجل من الزاد، والراحلة، وغيرهما، فجملته معتبرةٌ في المرأة، وفيها مزيدٌ؛ فإنها عورةٌ. فإن ساعدها زوج [أو ذو رحم، فذاك، وكذلك المحرم، وإن لم يكن ذا رحم، كالأخ من الرضاع.


(١) مُخْطِراً: من أخطره المرض: جعله بين السلامة والهلاك. ويقال بادية مُخطرة. (معجم).
(٢) ساقطة من الأصل، (ك).
(٣) (ط): التوصل.