للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التمتع أن يشغلَ ميقاتاً، بالغاً مسافة القصر، بإحرامِ العمرة، فإذا كان منزله على مسافةٍ قريبةٍ -وحدّ القرب ما ذكرناه- فهو كالمكّي، والمكي إذا قدّم العمرةَ على الحج، ثم أحرم بالحج، من جوف مكة، فالذي جاء به على صورةِ التمتع، ولا يلزمه شيء (١ أصلاً، فكذلك من قربت مسافته، إذا أحرم بالعمرة من وطنه، ثم أحرم بالحج من جوف مكة، فلا يلزمه شيء ١).

٢٤٧٥ - وقد يرد على من يعتمد مسلك المعنى سؤال، فيقال (٢): من كان مسكنه دون ميقاتٍ، وكان من حاضري المسجد الحرام، كما وصفناه، فلو قصد مكةَ ناوياً نسكاً، وجاوز مسكنَه وقريته، غيرَ محرم، فهو مسيء ملتزم دمَ الإساءة، وفاقاً. ولو لم تكن المسافة محتفلاً بها، لقيل: هو من أهل مكة، فلا يلزمه شيء إذا أحرم من مكة. والسبيل في الجواب، أن يقال: مسلك المعنى لا يكاد [يتجرد] (٣) في هذه القاعدة، والتعويل على التنزيل، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم ما وجدنا إليهما سبيلاً، وقد قال تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٦] فرأى الشافعي من قربت المسافة بين وطنه وبين مكة، معدوداً من المتصلين بالحرم، وأدرجه في اسم الحاضرين.

وبالجملة لا يشهد لوجوب دم التمتع معنىً مستقلٌّ صحيحٌ على [السَّبْر] (٤)، وقد أحيا كل ميقات بنسك، ولكن ثبت دم التمتع نصَّاً، فاتبعناه، وتكلفنا على بعدٍ معناه، فإذا عدمنا ما تخيلناه من الشرائط، فلا غموض في نفي وجوب الدم.

وأما من يدخل مكة مُحلاً، وهو على قصد النسك [فهذا] (٥) تركٌ منه لحق وطنه، وحق الحرم.


(١) ما بين القوسين ساقط من (ك).
(٢) في الأصل، (ك): فيقال له (بزيادة " له ") ولا معنى لها، فهو سائل: أي يقال على لسانه، ولا يقال له.
(٣) في الأصل، (ك): يتجرى.
(٤) في الأصل، (ك): السنن.
(٥) ساقطة من الأصل، (ك).