للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٤٩٠ - رجعنا (١) إلى القارن في [الصورة] (٢) التي ذكرناها، وهي إذا عاد القارن إلى ميقاته، فإن قلنا: المتمتع إذا عاد بعد الإحرام من مكة، لا يسقط الدم عنه، فالقارن العائد (٣) بذلك أولى، وإن قلنا: يسقط الدم عن المتمتع في الصورة التي ذكرناها، ففي سقوط الدم عن القارن، إذا عاد وجهان، ذكرهما الصيدلاني وغيرُه: أحدهما - أنه يسقط دم القران، وهو قياسٌ بيّن. والثاني - لا يسقط؛ فإن القارن في حكم متمسك بنسك [واحد] (٤)، فلا وقع لعوده، واسم القِران باقٍ لا يزول، والتمتع يزول بالعَوْد إلى الميقات، وهذا كان يحسن وقعُه لو أوجبنا الكفارة على المكّي إذا قرن، وفرقنا بين صورة التمتع منه، وبين صورة القِران، وليس الأمر كذلك؛ فإن انتفاء الكفارة عن المكي في القِران متفق عليه.

وقد قال الشافعي في أثناء كلامه، في هذه المسائل: " والقارن أخف حالاً من المتمتع " واختلف الأئمة في تفسير لفظه: فقيل: أراد به الردَّ على مالك (٥)؛ فإنه أوجب على القارن بدنة، وعلى المتمتع شاة، فقال ردّاً عليه: الغريب القارن أتى بنسكيه (٦) من ميقات بلده، والمتمتع يأتي بالحج من ميقات غيره، فالقارن أخف حالاً فيما يتعلق بأمر الميقات، فلا ينبغي أن تزيد كفارته على كفارة المتمتع.

وقيل: أراد الشافعي الردّ على داود (٧)؛ فإنه قال: لا شيء على القارن، وإنما الكفارة على المتمتع. فقال رداً عليه: القارن أخف حالاً، فإنه لا يتعدد ميقات نسكيه، والمتمتع يتعدد ميقاته، ويتفصَّل (٨)، فيجوز أن يؤاخذ القارن الذي أتى


(١) (ط): رجعٌ.
(٢) في الأصل: العودة.
(٣) (ط): العامد.
(٤) ساقطة من الأصل.
(٥) ر. الإشراف للقاضي عبد الوهاب: ١/ ٤٧٠ مسألة ٧٣٧.
(٦) عبارة (ط): " الغريب القارن إذاً أتى بنسكيه ... ".
(٧) ر. المحلى: ٧/ ١٦٧.
(٨) (ط): ينفصل.