للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال: " وأحب إليّ أن يعتمر من الجعْرَانة ... إلى آخره " (١).

٢٤٩٤ - لما ذكر الشافعي أن أدنى الحل ميقاتُ العمرة، كما تقدم، ذكر في هذا الفصل أفضلَ البقاع من أطراف الحل، وقال: أفضلها الجِعْرَانة (٢)، وبعدها التنعيم [وبعدها الحُدَيبية، والسبب فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، اعتمر من الجِعْرَانة، لما عاد] (٣) لقضاء العمرة التي صُدّ عنها، عن مكة، عام الحديبية، فدل اختيار رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك البقعة، على تفضيلها، ولما التمست عائشةُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُعمرَها، أمر أخاها عبد الرحمن، حتى أعمرها من التنعيم، فقدّم الشافعيُّ ما دل عليه فعلُه، صائراً إلى أنه لا يختار لنفسه إلا الأفضل، ثم أتبع ذلك ما أمر به في قصة عائشةَ، ثم جعل ما همّ به، ولم يتفق [منه] (٤) إتمامه آخراً، وهو الحديبية.

٢٤٩٥ - فإن قيل: كيف قدم هاهنا فعلَه على همّه؟ وفي تحويل الرداء في الاستسقاء قدّم ما همّ به على ما فعل؟ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أراد أن يقلب رداءه، فيجعل أسفله أعلاه، فلما ثَقُل عليه قلبه من اليمين إلى الشمال، ولم يجعل الأسفل أعلى، والأفضلُ أن يفعل الإمام وغيرُه ما همّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

قيل: لأن ما همّ به مشتمَلٌ في باب التحويل على ما هو فعله؛ فإن الغرض التفاؤل


(١) ر. المختصر: ٢/ ٥١.
(٢) الجِعْرَانة، بسكون العين والتخفيف. على الأصح، قاله الفيومي في المصباح. وقال البكري في معجمه: هي عند العراقيين بكسر الجيم والعين وتشديد الراء (الجعِرَّانة)، والحجازيون يخففون، فيقولون (الجعْرَانة) وقال الأصمعي: هي الجعَرانة، بالتخفيف. (ر. معجم ما استعجم: ١/ ٣٨٤).
(٣) ساقط من الأصل.
(٤) مزيدة من (ط)، (ك).