للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بتحويل الرداء [لتحويل الحال] (١)، وكان حصل بالقلب من اليمين إلى الشمال ذلك، فعسر إتمام ما همّ به من التحويل، فكان صلى الله عليه وسلم مبتدئاً أمراً تعذر عليه إتمامه، والعمرة عن الحديبية لا تشتمل على العمرة عن الجِعْرانة.

والأمر في ذلك قريب.

وإلا كان لقائلٍ أن يقول: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرةَ الحديبية عن اختيارٍ، وإنما صُدّ اضطراراً، فتقديمُ ما أمر به على ما كان خاض فيه، ولم (٢) يتم له، عن اضطرارٍ فيه (٣) بعضُ النظر.

ولكن توجيه ما ذكره الشافعي، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعمار عائشةَ من التنعيم، وكان متمكناً من إعمارها من الحديبية، فاقتضى ذلك تقديمَ ما أمر به.

٢٤٩٦ - وقد ذكر الفقهاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بعمرة الجِعْرانة عامَ القضاء، ولم أر لهذا التاريخ ذكراً في كتب الحديث (٤)، وفيه إشكالٌ؛ من جهة أن ذا


(١) في الأصل: .. الرداء التحويل وكان ....
(٢) (ط) لم (بدون واو).
(٣) في محل خبر (فتقديمُ).
(٤) هذا التعليق من إمام الحرمين على ما قاله الفقهاء، وردّه لقولهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بعمرة الجعرانة عام الفضاء. وتغليطه الفقهاء في ذلك، ورده عليهم بالمنقول والمعقول حيث قال: لم أر لهذا التاريخ ذكراً في كتب الحديث.
كما علل ردَّه لكلام الفقهاء بأن هذا غير معقول، فكيف يجاوز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الحليفة مع نية النسك، ثم يصل إلى طريق الطائف مجاوزاً مكة، ليحرم من الجعرانة؟
هذا التعليق يوحي لنا بعدة أمور:
أولاً- إن إمام الحرمين ليس كما أكثروا القول عنه بأنه كان قليل المراجعة لكتب الحديث وقليل العلم بالحديث؛ فها هو يردّ كلام الفقهاء وينص صراحة على أنه راجع كتب الحديث فلم يجد ذكراً لهذا الكلام.
ومعلوم أن الحكم بعدم الوجود لا يقال إلا عن تثبت واستقراء وسعة اطلاع، فمن هو (قليل المراجعة لكتب الحديث) يستحيل أن يرد كلام الأئمة مستنداً إلى عدم الوجود فيها، فذاك يحتاج كما ألمعنا آنفاً إلى إحاطة شاملة واستقراء كامل.
ثانياً- إن الحافظ ابن حجر -رحمه الله- ردّ كلام الفقهاء هذا في تلخيصه الحبير بنفس ألفاظ=