للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٥٠٤ - وقد حان الآن أن نتكلم في بدل الدم، وهو الصوم؛ فنقول: الصوم في بدل التمتع مقدّم في نص القرآن، قال الله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: ١٩٦].

والكلام في الصوم يتعلق في التقسيم الأول، بذكر الأيام الثلاثة، ثم نتكلم بعدها في الأيام السبعة، ثم ننظر فيما يقتضيه نظمُ الكلام:

فأمّا الأيام الثلاثة، فإن حقها أن تقع في الحج، كما قال الله تعالى: {ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦].

ثم قال الإمام وغيره: لا يجوز تقديمُ هذه الأيام على الشروع في الحج؛ [فإنها عبادة بدنية، وهي لا تجب قبل الشروع في الحج] (١) والعبادات البدنية لا يجوز تقديمها على وقت وجوبها. ونحن لما جوزنا تقديمَ كفارة اليمين، إذا كانت بالمال على الحنْث، لم نجوّز تقديم الصيام على الحنْث، والمعنى في ذلك ظاهر.

والعجب أن أبا حنيفة (٢) جوز للمتمتع أن يصوم الأيامَ الثلاثة، قبل الشروع في الحج، والدمُ لا يقدمه على الحج، فإنه هدي، والهدي يتقيد بيوم النحر، وأيامِ التشريق.

والحج يتقدم لا محالةَ عقدُه على يوم العيد، ثم إذا شرع في الحج، دخلَ وقتُ صيام الثلاثة، ولو طالت مدة إحرامه [المتقدمة] (٣) على يوم عرفة، فليصم الثلاثةَ متى شاء، وليقدّمها على العيد، والأوْلى أن يقدمها على عرفة؛ فإن صومه، وإن كان صحيحاً من الحاج، فالأوْلى فيه الفطر، كما مضى ذكره، في كتاب الصيام.

ثم قال الأئمة: إذا اتسع الوقت قبل العيد، فهو بالخيار: إن شاء صام الأيامَ الثلاثة متتابعة، وإن شاء، صامها متفرقةً، فالتتابع غيرُ مشروطٍ فيها.


(١) ساقط من الأصل.
(٢) ر. البدائع: ٢/ ١٧٣، البحر الرائق: ٢/ ٣٩١، حاشية ابن عابدين: ٢/ ١٩٦.
(٣) ساقطة من الأصل.