للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنعود، ونقول: من ذهب إلى إيجاب التفريق، اختلفوا: فمنهم من قال: [يكفي] (١) أصل التفريق، ولا نلتزم مضاهاة التفريق الذي يقع بين الصومين، في الأداء؛ فعلى هذا يصومُ ثلاثة متتابعة أو متفرقة، ثم يفطر بعد نجاز الثلاثة يوماً، ويصوم السبعةَ. وإن زاد على يوم، فذاك إليه.

والغرض أن ينفصل اليوم الأخير عن اليوم الأول من السبعة بفطرٍ. هذا وجهٌ.

ومن أصحابنا من لم يكتفِ بإيقاع [أصل] (٢) التفريق، واشترط أن يكون التفريق مضاهياً لما كان يقع في أداء الصومين. وهذا الوجه أمثل، وإن كان الأصل الذي عليه التفريعُ ضعيفاً، بالغاً في الضعف، وذلك أنا إذا التزمنا التفريقَ في القضاء، لأجل التفريق في الأداء، فينبغي أن نجعل التداركَ في هذا محاكياً للأداء، فعلى هذا يختلف المذهب في المقدار المرعي. فإن قلنا: أيام التشريق لا تقبل الصيامَ، ومعنى الرجوع الفراغُ من الحج، فقد كان يتعين تخلل أربعة أيامٍ بين آخر الثلاثة، وأولِ السبعة. هذا هو الأقل الذي لا بد منه؛ فإنه يضم إلى يوم العيد الأيام الثلاثة بعده،

فالجميع أربعة أيام.

وإن فرعنا على أن أيام التشريق لا تقبل الصيام، والرجوعُ معناه الوصول إلى الوطن، فليقع التفريق في القضاء بأربعة أيامٍ، كما ذكرناها، ومدةِ الرجوع إلى الوطن، على الاقتصاد في السفر.

وإن قلنا: أيام التشريق كانت تقبل الصيام، والرجوعُ هو الوصول إلى الوطن، فليقع التفريق بمدة الرجوع فحسب، فإننا ننزل التفريق المستحَق على أقل الإمكان، فإن زاد، لم يضرّ.

وإن قلنا: أيام التشريق تقبل الصيامَ، والرجوعُ هو الفراغُ، فكان لا يقع التفريق بين النوعين في تصوير الأداء، فعلى هذا ذكر الشيخ أبو علي وجهين: أحدهما - أنه لا يجب التفريق، نظراً إلى الأداء. والثاني - يجب التفريق، فإن الثلاثة كانت تنفصل


(١) في الأصل: يلغى.
(٢) زيادة من المحقق، مراعاة للسياق.