للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحليفة، تعيّن عليه أن يُحرم، إذا كان يقصد مكةَ على نسك. ولو مال المدني وفاقاً إلى جهة المشرق، فميقاته في صوبه، وهو يؤم مكة، ذاتُ عرق.

والغرض أن ميقات المدني يقصر بطروقه صوبَ المشرق، وميقاتُ المشرقي يطول باطّراقه صوب المدينة.

وإذا كان المكي قد خرج، وتغرّب، ثم عاد من مسافةٍ بعيدةٍ، فلا يجوز له أن يجاوز الميقات؛ ظاناً أن ميقاته مكةُ.

وحاصل الكلام أن المواقيت، لا اختصاص لها، وإنما ميقات كل امرئ ما يمر به، ويصادفه، قصدُ الإحرام، وهو عليه.

٢٥١٦ - ثم من أمرناه بالإحرام، لو جاوز الميقات، غيرَ محرمٍ، وهو ناوٍ للنسك، عازمٌ عليه، فهذا إساءةٌ منه، ويلزمه بسببها دمٌ، كما سيأتي وصفه.

فلو جاوز، ثم عاد إلى الميقات، فلا يخلو إما أن يُحرم بعد المجاوزة، ويعودَ محرماً، أو لا يحرم، ولكن يعود وينشئ الإحرامَ من الميقات (١ فإن لم يحرم، وعاد، وأنشأ الإحرام من الميقات ١)، نُظر: فإن لم يبلغ المسافة من الميقات، إلى الموضع الذي انتهى إليه مجاوزاً، ثم انقلب منه، مسافةَ القصر، فإذا عاد، وأنشأ الإحرام من الميقات، فيسقط دمُ الإساءة عنه، في هذه الصورة، وفاقاً.

وإن بلغت المسافةُ مسافةَ القصر، وقد جاوز غيرَ محرمٍ [ثم عاد غير محرم] (٢) وأنشأ الإحرام من الميقات، ففي سقوط دم الإساءة وجهان- أحدُهما- أنه لا يسقط، فإنه تمادى على الإساءة في مسافةٍ لها حكم البعد، فانقطع أثره من الميقات، وتأكدت الإساءة تأكداً لا يقبل التدارك.

وهذا فيه نظر (٣) إذا لم يتعلّق بمكة، فإن دخلها مسيئاً، غيرَ محرمٍ، ثم عاود الميقات، لم يسقط عنه دمُ الإساءة، قولاً واحداً، فإن المحذور، في جميع


(١) ما بين القوسين سقط من (ط).
(٢) ساقط من الأصل.
(٣) ساقطة من (ط).