للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٥٤٨ - فأما إذا أحرم، فطاف، ثم تردّد، فلم يدر أنه محرم بماذا؟ فهذا موضع تفريع ابن الحداد، فنذكر جوابه، ثم نصل به تمام الشرح.

قال ابن الحداد: لو قصد القِرانَ إنشاءً، كما صورناه في القسم الأول، لم ينتفع به؛ فإنه يجوز أنه كان معتمراً، والمعتمر إذا طاف، ثم أراد إدخال الحج على عمرته، لم يمكنه، فإن أراد أن يحسب له حج، فالوجه أن يسعى، ويحلق، ثم يبتدئ إحراماً بالحج؛ والسبب فيه أنه إن كان معتمراً، فما ذكرناه يحلله عن العمرة، ثم يقع حجه على الصحة، بعد تحلله. وإن كان إحرامه في علم الله حجاً، فلا يضرّ ما جرى، وغايته أن ينتسب (١) إلى الحلق في غير زمانه.

وكذلك لو قُدِّر قارناً، [فالحج] (٢) يعتد به، والدم واجب بسبب إيقاع الحلق في غير أوانه.

وما ذكره ابن الحداد حسنٌ، لا وجه غيره (٣)، ولكن ظاهر كلامه مشعرٌ، بأنه [مأمور بأن] (٤) يحلق. وهذا نَقَمَه (٥) كافة الأصحاب عليه، فإنه قد يكون حاجاً، فأمره بالحلق من غير بصيرة [ليس] (٦) جارياً على اتباع موجَب القطع.

وقال الأئمة: لا يؤمر صاحب الواقعة بالحلق، بل ينهى عنه، لجواز أن يصادِف الحلق إحراماً مستمراً، ولكن إن حلق بعد الطواف، والسعي، ثم راجع المفتي، أجاب بالأمر بالإحرام بالحج، وإلزامِه الدمَ، كما سنصفه -إن شاء الله تعالى-، وضربوا لذلك الدجاجةَ والدُّرّة مثلاً، فقالوا: إذا بلعت دجاجةُ زيدٍ درة ثمينةً لعمرو، فلا نسلط صاحب الدرة على ذبح دجاجة الغير من غير إذنه، ولكن لو ابتدر ذلك، صل إلى درته، والتزم لصاحب الدجاجة ما ينقصه الذبح.


(١) (ك). يتسبب.
(٢) في الأصل: بالحج.
(٣) (ط): له.
(٤) ساقط من الأصل.
(٥) نَقَم: من باب ضرب.
(٦) ساقط من الأصل.