للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرضناه لو قدر على حياله، لأوجب الفديةَ.

وسبب القضاء بالاتحاد عند اتحاد المكان، وتواصل الزمان قضاءُ العرف بعدّ ذلك أمراً واحداً، فإذا زال هذا بالتقطع الزماني، أو التعدد المكاني، فالوجه ردُّ الأمر إلى قياس التعدد.

ومن أوجب كفارة واحدة قال: إنها تجب لله تعالى، ويفرّق في موجِبها بين الناسي والعامد، فيتجه الحكم بتطرّق المساهلة إليها، فلتنزل أعدادها من غير تخلل تكفيرٍ، منزلة تعدد الزنيات والسرقات، هذا والإحرامُ المعترض عليه واحد.

وبهذا ينفصل ما نحن فيه عن وقاعين في يومين من رمضان، فإن كل صوم عبادةٌ متميزة عن الصوم في اليوم الآخر، فرأينا القطع بتعدد الكفارة خلافاً لأبي حنيفة (١).

٢٥٨١ - ولو جرى تكفيرٌ، مع التقطع في الزمان، أو المكان، حيث نقطع القضاءَ بالتعدد في اللبس، إذا رددنا الأمر إلى العادة، فإذا انضم إلى ذلك تخلل التكفير، فلبس قميصاً، وكفر، ثم طال الزمان، أو تبدّل المكان، ولبس عمامةً، فإن لم يربط نية الكفارة، بما سيفعله في الاستقبال، فلا خلاف أن الكفارة تجب باللبس الثاني؛ فإن المعتبر الأقصى في القضاء بالتداخل الحدودُ، ومن زنى، فحدّ، ثم زنى مرة أخرى [حدّ] (٢)، فإذا تجدد الحدُّ، وهو عقوبةٌ محضة لله تعالى، فالتجدد في الكفارات (٣) -وهي قرباتٌ، ووضعها التعبد على أنها إرفاق- أولى.

فأما إذا لبس وكفّر، ونوى بما أخرجه من الكفارة أن يوقعه عما مضى، وعما سيكون من لُبسه في المستقبل، فهذا يبتني على أن تقديمَ الكفارة على المحظور في الإحرام هل يجوز؟ على قياس تقديم كفارة اليمين على الحِنْث فيها؟ وهذا فيه اختلافٌ سنذكره في كفارة اليمين.

فإن منعنا تقديم الكفارة فيما نحن فيه، فلا أثر لربط النية بما سيكون، ويتجدد


(١) ر. الأصل: ٢/ ١٧٧، المبسوط: ٣/ ٧٤، البدائع: ٢/ ١٠١، البحر: ٢/ ١٩٨، مختضر اختلاف العلماء: ٢/ ٣٠ مسألة ٥١٣، رؤوس المسائل: ٢٣٢ مسألة ١٢٨.
(٢) في النسخ الثلاث: فحد. والمثبت تقديرٌ منا رعاية للمعنى.
(٣) في الأصل: الكفارة أولى وهي ....