للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والكلام في الفصل يتعلق بثلاثة أشياء: أحدها - فيما يكون طيباًً. والثاني - في كيفية استعمال الطيب. والثالث - في العامد، والناسي، والجاهل.

٢٥٨٨ - فأما القول فيما يكون طيباً، فالمعتبر فيه ما يكون المقصود الأظهرُ منه التطيب، فما كان كذلك، فهو طيبٌ، ولا نظر إلى الرائحة المستطابة.

وما يكون المقصود الأظهر منه الأكل تفكّهاً أو تداوياً، فليس طيباً في غرضنا، فالتفاح، والسفرجل والأُتْرُجّ، والنارَنج، ليست طيباًً، وكذلك القَرَنْفُل والدارصيني، ويستعملان دواء. وهذا هو المقصود الظاهر منهما، والوردُ طيبٌ.

واختلف نصُّ الشافعي في الضَّيْمران (١)، وهو الريحان الفارسي. والظاهر أنه طِيبٌ؛ فإنه المقصود منه، ونصُّ الشافعي في الوجه الآخر لست أرى له وجهاً، إلا بناءَ الشافعي الأمرَ على الظن في قُطرٍ لم يُعهد فيه هذا النوعُ، وفي نصه ما يدل عليه؛ فإنه قال: المقصود من الضَّيْمَران تزيينُ المجالسِ، والدَّسَاتجُ (٢) قد تُحَفُّ بالخُضَر تزييناً، والوردُ -في وسطها- الطِّيبُ.

وهذا ظنٌّ منه، فيما لم يَعْهدْه، والمَيْلُ (٣) في مثله لا [يخرم] (٤) قاعدة المذهب؛ لأن الشافعي لو استبان من الضيمران، ما عرفناه، لما ردّدَ قولَه.

وهذا عندي بمثابة نصٍّ له يخالف نصَّ الرسول صلى الله عليه وسلم، وما كان بلغه الخبرُ، فلا شك أنه لو بلغه، لقبله، وقد قال في مواضعَ: " إذا صح عندكم خبرٌ يخالف مذهبي، فاتبعوه، واعلموا أنه مذهبي ".

وتردد نصُّه في البَنَفْسَج.

وذكر العراقيون فيه وفي دهن البَنَفْسَج ثلاثَ طرق: إحداها - طردُ القولين فيهما،


(١) في (ط): الضّميران. وعند النووي: الضمران. (المجموع: ٧/ ٢٧٦).
(٢) جمع دَسْتَجة بمعنى الحُزْمَة (معجم الألفاظ الفارسية) والمراد هنا حُزمة الورد، أي باقة الورد، فهي كما وصفها (تُحفّ بالخضر والورد في وسطها).
(٣) في الأصل: والمثل. والمثبث من (ط)، (ك) ولعل الصواب غير هذا وذاك، وهو (والظن).
(٤) في الأصل، (ك): يحزم. والمثبت من (ط).