للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأخرى - القطعُ بأنهما طيب، وهؤلاء حملوا نص الشافعيِّ على البَنَفْسَج المُرَبَّى (١) الذي سقطت رائحته، على ما سنفصل القول في الطيب الذي تسقط رائحته، ويبقى لونُه. والطريقة الثالثة - الفرقُ بين البَنَفْسَج ودهنه، والبَنَفْسَج طيبٌ، ودهنه ليس بطيب؛ فإن البَنَفْسَج يستعمل طيباً، ودهنُه لا يستعمل طيباًً، والوجه عندنا القطع بأن

البَنَفْسَجَ، ودُهنَه طيباًن؛ فإن التفت [الفقيه] (٢) إلى ظهور غرض التداوي بالبَنَفْسَجِ، ودُهنِه، دخل عليه الورد.

وكان شيخي يحكي تردُّداً في دهن البَنَفْسَجِ، والقطعَ بأن دهنَ الورد طيبٌ.

ولست أرى لهذا وجهاً؛ فلا فرق بين الدهنين؛ فإن الغالبَ أنهما لا يستعملان لغرض التطيب، ولكن الظاهر وجوب الفدية؛ لاتصال عين الطيب بهما، كما سأمهّد ذلك في الفصل الثاني عند ذكر أكل المحرم الخبيصَ المُزَعْفَر.

٢٥٨٩ - وذكر العراقيون أن الدهن الذي فيه الكلام [هو] (٣) الذي يُغلى فيه جِرْمُ البَنَفْسَجِ، والوردِ. فأما إذا ذُرّ البَنَفْسَجُ على السمسم، ثم اعتُصر السمسم، فذلك الدهن ليس طيباً وفاقاً.

هكذا قالوه.

وكان الشيخ أبو محمد يقول: هو (٤) الدهن الذي فيه الكلام، وهو أشرف من الدهن الذي يُغلى فيه البَنَفْسَج.

وهذا يتجه من العلم بأن السمسم يتشرب من مائية البنفسج، وهي الطِّيبَة، فيرجع الأمر إلى امتزاج ما طاب من البنفسج، بالسمسم، وليس اكتسابُ السمسم للطيب، من جهة المجاورةِ المحضة.

والزعفرانُ طيبٌ، وإن تُخيّل تجردُ القصد إليه في التداوي، والصبغ.


(١) المربَّى أي المربب بالسكر، كما في المجموع للنووي: ٧/ ٢٧٤.
(٢) مزيدة من (ط).
(٣) في الأصل: والذي.
(٤) هو: ضمير يعود على دهن البنفسج الذي اعتصر مع السمسم. وكأن الشيخ أبا محمد يخالف ما قالوه من أنه ليس طيباً وفاقاً.