للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا يطرد في كل ما هو استمتاعٌ من المحظورات.

فأما قتل الصيد، والحلق، والقَلْم، فظاهر المذهب أن صَدَرَ (١) هذه الأشياء من الناسي في إيجاب الفدية كصدَرِها من العامد؛ نظراً إلى الإتلافات. ونصَّ الشافعيُّ في المغمى عليه إذا حلق شعره [أنه] (٢) لا تتعلق الفدية بما جرى في حالة الإغماء، وإن كان الحلق ملتحقاً بالإتلافات، فأثبت أصحابنا قولاً في المسألة، في الاستهلاكات.

وحكى شيخي أبو محمد قولين في الصيد أيضاًً.

وخرج من الترتيب أن الاستمتاع المحض يفصّل بين الناسي والعامد، وفي الاستهلاكات قولان: أظهرهما - أن لا فرقَ، وكنت أودّ لو فصل فاصل بين قتل الصيد، وبين الحلق، والقَلْم، فإنا وإن عددنا الحلق، والقَلْم، من الإتلافات، ففرض الاستمتاع فيهما غالب. وأمَّا موجَبُ الصيد قيمةُ (٣) متلَف، والذي يؤلف بينهما، أن تلك القيمة شرعية، وإلا فالصيد المباح لا قيمةَ له.

فهذا قولينا في الناسي.

٢٥٩٩ - فأما الجاهل، فأهم ما فيه تصويره، فمن جهل كونَ استعمال الطيب محرماً في الشرع، فهو كالناسي في حكمه، وهذا قولينا في الصوم، والصلاة. ومن علم تحريم الاستعمال، وجهل وجوبَ الفدية، أعلمناه أن الفديةَ تجب عليه، ومن علم تحريمَ الطيب، وجهل كون الشيء طيباً، فقد اختلف أصحابنا: فمنهم من لم يوجب الفدية، ومنهم من أوجبها. ولو علم أن الممسوس طيبٌ، ولكنه حسبه يابساً، لا تعبَق منه رائحة، فإذا هو رطب، فالأصح وجوب الفدية.

فرع:

٢٦٠٠ - إذا اتصلت عينُ الطيب، ببدن المحرم، على وجهٍ لا يلزمه بذلك الاتصال فدية، فيتعين عليه السعي في إزالتها، وقد لا يتأتى له السعي دون ممارسة


(١) سبق التنبيه أكثر من مرة إلى أنها بمعنى (صُدور). وهو استعمال مألوف في كتب الأقدمين، من الفقهاء وغيرهم، فأنت تراه عند الإمام عبد القاهر الجرجاني في (دلائل الإعجاز)، كما تراه عند السرخسي، في (المبسوط)، وعند ابن هُبَيْرة في (الإفصاح). وغيرهم كثير.
(٢) في الأصل: أن لا.
(٣) كذا في جواب أما بدون الفاء، وهي لغة الكوفيين، وعليها جرى إمام الحرمين كثيراً.