للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا أصل الرمل، ثم في بعض الروايات: أنه صلى الله عليه وسلم وأصحابَه رضي الله عنهم، كانوا إذا انتهوا إلى ما بين الركنين اليماني والحَجَر [اتّأدوا] (١)؛ فإن الكعبة كانت تحول بينهم وبين الكفار. فقال هذا القائل: الرسول صلى الله عليه وسلم هو الأسوة في الرمل، وُيتْرَكُ الرمل حيث كان يتركه، وهو أقوى (٢)، لو تجرد نقلُه، وقد نُقل: أنه كان يرمل من الحَجَر إلى الحَجَر، ولا يبعد أنهم كانوا يسكنون قليلاً، من غير مفارقة سجية الرمل.

وروي أن عمر قال: " فيم الرمل، والتكشف، وقد أطّأ (٣) الله الإسلام، ونفى الشرك وأهله، ألا إني لا أحب أن أدع شيئاً، كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " (٤) فإن قيل: لم دام الرمَل مع ظهور سببه أولاً، وزواله آخراً؟ قلنا: ما لا يُعقل معناه على التثبت لا يحكّم المعنى (٥) فيه.

وقد قيل: إن سبب السعي ما كان من هاجَر أمّ إسماعيل، وابنه (٦)، كما سنصفه، ثم أُثبت ركناً في الدين.


=ابن عباس. (ر. البخاري: الحج، باب كيف كان بدء الرمل، ح ١٦٠٢، وطرفه في ٤٢٥٦، وعند مسلم: الحج، باب استحباب الرمل، ح ١٢٦٤، وهو عند أبي داود: المناسك، باب في الرمل، ح ١٨٨٩، وأحمد: ١/ ٢٩٠ - ٢٩٥، ومتفق عليه من حديث ابن عمر أيضاً، وعند مسلم من حديث جابر، وانظر التلخيص: ٢/ ٤٧٤ ح ١٠٢٩ إلى ١٠٣٣).
(١) في الأصل: تاذوا، وهي محرّفة عن (تباذوا) بالباء الموحدة، والزاي المعجمة وهي في رواية من روايات الحديث، يقال: تبازى في مشيته إذا حرّك عجيزته (ر. تلخيص الحبير: ٢/ ٤٧٦ ح ١٠٣٣، والمعجم). هذا والمثبت من (ط)، (ك).
(٢) (ط)، (ك): وهذا قوي.
(٣) أطأ: ثبت، من وطأ، والهمزة أوله بدل الواو. (النهاية في غريب الحديب، وهامش ابن ماجة، وسنن البيهقي).
(٤) حديث عمر، رواه ابن ماجة: المناسك، باب الرمل، ح ٢٩٥٢، والحاكم: ١/ ٤٥٤، والبيهقي: ٥/ ٧٩، وانظر التلخيص: ٢/ ٤٧٥ ح ١٠٣٠).
(٥) (ك) لا يحمل المفتي.
(٦) كذا في النسخ الثلاث، ولعل الصواب: " وابنها ". وربما كانت وأبيه لما سيأتي في قصة الذبح وتشريع الرجم، فمعنى الجملة: إن ما كان من أم إسماعيل بحثاً عن الماء، وما كان من أبيه زجراً للشيطان أثبت ركناً في الدين. والله أعلم.