للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: استعصى الذبح على إبراهيم فذلَّلهُ الله بالأحجار على الجمرات، فصار ذلك شعاراً متبعاً، ومبنى الشرع على التيمّن والتأسي بشعار الصالحين، من غير تتبع المعاني.

٢٦٣٥ - ومِما يتعلق بالرمل: أنا نؤثر الجمعَ بين الدنوّ من الكعبة وبين الرمل، ولا ننظر إلى كثرة الخُطى فيمن يبعد من الكعبة، وهذا متفق عليه.

فإن عسر الرمل في زحمة الناس، في القرب، ولو بَعُدَ إلى الحاشية، لا ستمكن من الرمل، فالرمل في البعد أولى، فإن القرب لا يبلغ مبلغ شعار مستقل.

نعم لو كان يقع في صف النساء، فتركُ الرمل أجدر به؛ فإن الأمر يعظُم في هذا، وينسب الرجل إلى ترك شعارٍ في الدّين كلِّي، ولا يقع منه الشعار الجزئي موقعاً.

٢٦٣٦ - ولو ترك الرمل في الأشواط الأُوَل، فأراد أن يتدارك في الأشواط الباقية، لم يكن له ذلك؛ فإن سجّية المشي في الأشواط الأربعة مسنونة، كالرمل في الأشواط الثلاثة، فلو تدارك الرمل، لكان تاركاً سنةً ناجزة، في تدارك شعارٍ فائت، وليس هذا كإعادة سورة الجمعة في الركعة الثانية على ما سبق ذكرها في الصلاة؛ فإن الجمع بين الجمعة، وسورة المنافقين ممكن، والجمع بين الرمل وسجية المشي غير ممكن.

قال الشافعي: لو زُحم من لم يتمكن من الرمل أصلاً، فحسنٌ لو [أتى] (١) بمحاولة الرمل متشبهاً بالرامل، وهذا أصل ستأتي أمثلتُه في أمرنا مَنْ لا شعر على رأسه بالحلق متشبهاً بالحالق، إلى غير ذلك.

٢٦٣٧ - ومن الشعار المرعي الاضطباع: وهو أن يجعل وسط الرداء تحت إبطه الأيمن، ويعري كتفه الأيمن منه، ويجمع طرفيه على عاتقه الأيسر، كدأب ذوي الشطارة (٢). هكذا


(١) في الأصل: ايتى (بهذا الرسم. ولعلها يأتي، وفي (ط): أشار. وهذا معنى كلام الشافعي وليس لفظه، وإلا، لصححناه منه. (ر. المختصر: ٢/ ٧٧، والأم: ٢/ ١٤٩).
(٢) الشطارة الاسم من شطر (المعجم). وظني أن المراد بذوي الشطارة هم الفتيان الذين كانوا يخرجون على قبائلهم في الجاهلية، ويرفضون قيود المجتمع، ويتمردون عليه، ويرتبون جماعاتٍ وفرقاً للإغارة والهجوم على من يتهمونهم بالظلم والطغيان.