للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك، وإذا بعدوا، لم يمكنهم أن يرجعوا ليلاً، فلا يَرُدُّون الإبل إلا يوم النفر الأول؛ فإن عامةَ الخلق يتعجلون، حتى يقل من يلبث (١)، وأما أهل سقاية العباس (٢)، فإنهم كانوا يقومون بتهيئة السقاية، وإعداد الماء، وما يتيسر من الشراب للمُفيضين، فكان ذلك شغلاً شاغلاً قديماً، يُجَوِّز (٣) لهم ما جَوَّز لرعاة الإبل.

والمتبع في هذه الرخصة الخبرُ والوفاق، فلو فرض فارض عُذراً مرهقاً، كقيام الإنسان بتعهد منزولٍ [به] (٤) قد حضرته الوفاة، أو غيرَ ذلك من الأعذار، فهل يجوز أن ينزَّلوا في الرخصة التي ذكرناها منزلةَ رعاة الإبل؟ فعلى وجهين ذكرهما العراقيون: أحدهما - تثبت الرخصة لكل معذور (٥) يبلغ عُذرُه مبلغَ عذر الرعاة. والثاني - وهو الذي قطع به الأئمة [أن] (٦) الرخصة تخص، ولا يُعدّى بها موضعها، كما لا يثبت في حق المريض رخصةُ المسافر.

وأما أهل السقاية، فمذهب الشافعي أنه لو قام بذلك الأمر غيرُ بني العباس، فلهم الرخصةُ. هذا ظاهر المذهب. وذكر العراقيون في ذلك وجهاً آخر: وهو أن الرخصة تختص بأهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم بنو هاشم ورَوَوْا في ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرخص لأهل السقاية من أهل بيته، فدل ذلك على اختصاصهم (٧). وهذا بعيد.


(١) (ك) يبيت.
(٢) آخر الخرم الموجود في نسخة الأصل. ثم هي في نسخة (ك): " يبيت ".
(٣) (ط) فجوّز.
(٤) ساقطة من الأصل.
(٥) (ك) من.
(٦) ساقطة من الأصل.
(٧) يشير " إلى ما ورد أن العباس استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يبيت بمكة ليالي منى لأجل سقايته، فأذن له " وهو متفق عليه من حديث ابن عمر (البخاري: الحج، باب هل يبيت أصحاب السقاية وغيرهم بمكة، ح ١٧٤٣ - ١٧٤٥، ومسلم: الحج، باب وجوب المبيت بمنى، ح ١٣١٥ (وليس فيه لأهل بيته)).