للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إذا أفسد الحج، فالإحرام دائم على الفساد، وليس كالصوم يفسد، مع أمرنا بوجوب الإمساك عن المفطرات؛ فإن الصوم يرتفع بالكلّية، والأمر [بالإمساك] (١) تشديد وتغليظ.

٢٧١١ - ثم من جامع وأفسد، ثم جامع مرة أخرى، فهل يلزمه بالجماع الثاني شيء أم لا؟ فعلى قولين: أحدهما - لا يجب؛ لأنه وقاع عديم التأثير في الإفساد؛ إذ لا أثر له فيه، فلا يتعلق به كفارة. والأصح وجوب الفدية؛ لأنه في إحرامٍ وإن كان فاسداً.

ثم إن قلنا: تجب الكفارة ففي الواجب وجهان: أحدهما - أنها بدنة. والثاني - أنها دم شاة. وهذا الخلاف أقربُ؛ من جهة أن الوقاع الثاني مباشرةٌ لم تفسد الحج، فأشبهت المباشرة دون الوقاع.

٢٧١٢ - ولو وقع الوطء بين التحللين، فالأصح أن الحج لا يفسد؛ لأنه لم يصادف إحراماً تاماً. ومن أصحابنا من قال: يفسد الحج لمصادفة الوطء للإحرام.

فإن قلنا: لا يفسد الحج، فواجب الوطء بين التحللين ماذا؟ فيه وجهان: أحدهما - أن واجبه البدنة. والثاني - أن واجبه دم شاة. وهذا يقرب من الخلاف في واجب الوطء الثاني. فإن قلنا: إنه يفسد الحج، فواجبه بدنة؛ فإن الإفساد ووجوب القضاء أشد وأغلظ مما بين الشاة والبدنة، ويخرج وجهٌ آخر: أنا إذا قلنا: الوطء لا يفسد الحج إنه (٢) لا يتعلق به شيء أصلاً. وهذا بعيد؛ فإن الوطء يجب ألا يقصر عن مباشرة لا وقاع فيها.

وسنذكر الآن أن المباشرة من موجبات الفدية، ويتجه أن نَنْفصل (٣) عن هذا،


(١) ساقطة من الأصل.
(٢) كذا في النسخ الثلاث: إنه (بدون فاء)، وقد سبق في بعض تعليقاتنا، أن هذا سائغٌ، وخرّجوا عليه قوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: ١٨٠].
(٣) " ننفصل عن هذا " أي: نخرج عنه، ونردّه، ونُجيب عليه، فالانفصال هنا من مصطلحات المناظرة، ومعنى العبارة: أن وجه الانفصال والخروج عن هذا الاعتراض القائل: إن الوطء لا يصح أن يقلّ في إيجاب الفدية عن مباشرةٍ لا وقاع فيها، فالجواب أو الانفصال بأن يقال: المباشرة إنما توجب الفدية إذا صادفت إحراماً تاماًً.