ففاته الحج المتطوع به، فهذا فواتٌ سببه الإحصار والصدّ، فهل يجب القضاء؟ فعلى قولين: أحدهما - يجب لأجل الفوات. والثاني - لا يجب لترتب الفوات على الصدّ، وكذلك لو صُدّ وحبس، ثم انجلى الحصر، فاندفع، ففاته الحج لضيق الوقت، والأمر على ما ذكرناه من الخلاف.
٢٧٣٢ - ثم إذا ثبت وجوبُ القضاء على من فاته الحج، فيجب مع القضاء دمٌ وفاقاً. ولا خلاف أن صفته صفةُ دم التمتع، اتفقت الطرق عليه.
وإنما لم ندرجه في تقاسيم الدماء، لنفرد ذكره، والسبب (١) فيما ذكرناه ظهور الشبه، وبلوغُه مبلغ الوضوح؛ فإن المتمتع يتحلل من نسك، ويتحرم بآخر، ومن فاته الحج يفعل ذلك، ولكن القضاء يقع لا محالة في السنة الثانية.
٢٧٣٣ - ثم نذكر قبل تفصيل الدم وبدلِه أصلاً آخر في الفوات، فنقول: من فاته الوقوف، فلا بد وأن يلقى البيت، ثم اختلف نص الشافعي، فقال في موضعٍ:" يطوف ويسعى " وقال في موضع: " يطوف ". واختلف أئمتنا، فمنهم من قال في المسألة قولان: أحدهما - أنه يأتي بعمل معتمرٍ، فيطوف، ويسعى، ويحلق، إن جعلنا الحِلاق نسكاً.
والقول الثاني - أنه يقتصر على الطواف؛ فإن الغرض لُقيان البيت، وإلا فما يأتي به غيرُ محسوبٍ عن حج، ولا عمرة. ومن الدليل على ذلك أنه لا يأتي بالمناسك التابعةِ كالرمي، والمبيت، فليقع السعي في معناها.
ومن أئمتنا من قطع بأنه يطوف ويسعى، وحمل نص الشافعي عند ذكره الطواف، على اقتصاره على بعض ما عليه موجِزاً، وذلك معتاد في الكلام.
ثم من جعل المسألة على قولين، أوجب مع الطواف الحلقَ، إذا جعلنا الحلق نسكاً. هكذا ذكره الصيدلاني وغيرُه، وذلك لأنه مختص باقتضاء التحلل إذا قدرناه نسكاً، وسيظهر أثره في باب الصدّ إن شاء الله تعالى.