للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الشيخ أبو علي في شرح التلخيص وجهاً أن أعمال من فاته الحج عمرةٌ على الحقيقة، ولا شك أن هذا يخرج على قولنا: إنه يطوف ويسعى، وغالب ظني أنه قرع مسامعي وجهٌ ضعيف، حكاه [شيخي] (١) في انصراف فعل من فاته الحج إلى عمرة، ولست واثقاً بهذا، فالتعويل على ما قدمته.

فصل

قال: " ولا يدخل مكة إلا بإحرام ... إلى آخره " (٢)

٢٧٣٨ - اختلف قول الشافعي في أن الغريب إذا دخل مكة لشغلٍ له، فهل يلزمه أن يدخلها محرماًً؟ قال في أحد القولين: يلزمه ذلك، لإطباق الخلق عليه، والاتفاق العملي [يُعبِّر] (٣) عن السُّنن في حكم العادة.

والقول الثاني - إنه لا يجب؛ فإن سبيله سبيل تحية البقعة، والتحية لا أصل لوجوبها.

ثم كل من يدخل مكة من الحل، سواءٌ كان مُنشئاً سفره من ميقاتٍ، أو من مكان دون الميقات، ففيه القولان: إذا لم يكن متردداً إلى مكة في شغلٍ يتعلق بمصالح أهلها، كتردد الحطّابين وأصحاب الروايا (٤) ومن في معانيهم.

فأما المترددون على ما وصفناهم، ففيهم طريقان:

من أئمتنا من قطع بأنه لا يلزمهم الإحرام؛ فإن ذلك يشق عليهم، وقد تتداعى ضرورةٌ إلى أهل مكة لانقطاع منافع المترددين عنهم، وإلى هذا ذهب المعظم.

وصار آخرون إلى طرد القولين في الحطّابين. وهذا وإن كان يتجه في المعنى،


(١) في الأصل: الشيخ. وفي هامشها: " أعني شيخي ".
(٢) ر. المختصر: ٢/ ٩٧.
(٣) في الأصل: " يعتد " وفي (ط)، (ك) بعيد، ولا شك في تصحيفها، ومصادمتها للمعنى المفهوم من السياق. ولم نصل إلى هذا اللفظ في (الأم) وانما الموجود كلام بمعناه: ٢/ ١٢٠، ١٢١. والمثبت بين المعقفين تصرف منّا رعايةً للسياق.
(٤) الروايا: جمع راوية: الدواب التي يستقى عليها الماءَ.