ثم إذا أوجبنا الإحرام على من يدخل مكة، فإن دخلها بنسك مفروضٍ عليه، سقط عنه حق الحرم، كما تسقط تحية المسجد عمن يدخله ويقيم فريضةً فيه.
٢٧٣٩ - ولو دخل مكة محلاً على قولنا بوجوب الإحرام، ففي وجوب القضاء، على هذا القول قولان: أحدهما - لا يجب القضاء؛ فإن القضاء غير ممكن؛ إذ لو خرج ليقضي، فعوده يقتضي إحراماً جديداً، فلا يمكنه تأدية القضاء كذلك.
والقول الثاني - يجب القضاء؛ فإنه ترك إحراماً محتوماً، فيلزمه التدارك.
فإن قلنا: لا يلزمه القضاء، اقتصرنا على التأثيم والتعصية، وإن قلنا: يلزم القضاء، فالذي ذهب إليه المحققون أن سبيل القضاء أن يخرج ويعود بإحرام، فإن قيل: عوده يقتضي إحراماً، [قلنا: قد ذكرنا أن دخول مكة لا يقتضي إحراماً](١) مقصوداً، ولا يمتنع أن يقع الإحرام عن جهة، ويتأدى به حقُّ الدخول، فليقع إحرامه في العود قضاء، ثم يتأدى به حق هذه الدخلة.
وذهب بعضُ الأصحاب إلى أنا إذا أوجبنا القضاء، فالوجه في الوفاء به أن يتصف بصفة المترددين؛ حتى يصير من الذين لا يلزمهم الإحرام لدخول مكة، فيقع القضاء من داخلٍ لا يلزمه لدخوله الإحرام. وهؤلاء ألزموه ذلك، وهو في نهاية البعد. وقد نسب هذا إلى صاحب التلخيص، وهو في الحقيقة ذهاب عن حقيقة الفصل.
نعم من الأسرار أنا إذا أوجبنا القضاء، فلو خرج، وعاد بعمرة منذورة، لم يقع هذا موقع القضاء، فليقع القضاء مقصوداً، وإن كان ابتداء الدخول لا يقتضي إحراماً مقصوداً. هكذا ذكره شيخي. وهو حسن؛ فإن الدخول من غير إحرام ألزمه إحراماً، كما يُلزم النذر الناذرَ.
٢٧٤٠ - وذكر صاحب التلخيص أن العبيد لا يلزمهم الإحرام لدخول مكة؛ فإنهم مستغرقون بحقوق السادة، ثم لا فرق بين أن يأذن لهم مولاهم في دخولهم مكة، وبين