للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر العراقيون تنزيلاً آخر للنصين، فقالوا: إن كان الاستئجار من حيٍّ، فلا بدّ من التعرض لتعيين الميقات؛ فإن أغراض الأحياء تتفاوت وتختلف، وإن كان الاستئجار عن (١) ميت، فلا حاجة إلى تعيين الميقات؛ فإن الغرض تحصيل الحج للميت.

وهذا غير سديد، ولا يستدّ إلا تخريج المسألة على قولين؛ من جهة أنه اشترك فيها تفاوتُ تعب الأجير بطول المواقيت وقصرها، مع قضاء الشرع باتحاد الحكم في جميعها، فتضمن تعارضُ هذين المعنيين اختلافَ القول. فهذا ما أردناه في فصل الإعلام.

الفصل الثاني

في ارتكاب الأجير شيئاً من المحظورات في الحج، من غير إفساد

٢٧٥٢ - فنذكر منها ما يتعلق بالإساءة في الميقات، ثم يَقيس الناظر ما عداه عليه.

فإذا انتهى الأجير إلى الميقات، فجاوزه مسيئاً، ثم أحرم، ولم يعد إلى الميقات، فيلزمه دم الإساءة، وينصرف الحج إلى المستأجِر، وهل نحط عن أجرة الأجير شيئاً، لتركه بعضَ العمل المستحَق عليه بالإجارة؟ فعلى قولين: أحدهما - أنا نحط قسماً من الأجرة، وهو المنصوص عليه هاهنا، وتعليله تركُه بعضَ العمل، والجبرانُ الذي يخرجه ليس عملاً مقابَلاً بالأجرة، وإنما المقابَل بالأجرة صورة (٢) الأعمال، والفديةُ، لزمت الأجيرَ حقاً لله تعالى، لتركه حرمةَ الميقات، فلا تعلّق لما يجب لله بما يتعلق بحق الآدمي.

والقول الثاني - أنا لا نحط شيئاً من أَجْرِه على تفصيلٍ، سنذكره. ووجه ذلك أن المجاوزة إن كانت، نقصاناً، فالفدية جبران في الشرع، فإذا ثبت الجبران، فكأَنْ لا نقصان.


(١) (ط): من.
(٢) (ط): متصور.