٢٧٥٣ - إن قلنا: لا نحط لمكان الجبران الحاصل في مقابلة النقصان، فهل ننظر إلى قدر قيمة الدم، حتى نقيسَه بقدر الأجر في مقابلة العمل المتروك؟ اختلف أصحابنا في المسألة، فمنهم من قال: لا نعتبر ذلك، وهو الأقيس على هذا القول؛ لأن التعويل على حصول الجبران، فإذا قضى الشرع به من غير نظر إلى قدر القيمة، فلا ينبغي أن يكون بالقيمة اعتبار: زادت، أو تماثلت، أو نقصت.
ومن أصحابنا من اعتبر المقابلة، بين قيمة الدم وبين أجرة العمل المتروك.
ووجهُ هذا على غرض قائله لائح؛ فلا نتكلفه. فعلى هذا إن تماثلت قيمةُ الدم، أو زادت، فلا حط، وإن نقصت قيمة الدم عن أجر المتروك، جَبَرْنا مقدار القيمة، وحططنا الزائدَ من الأجر.
هذا إذا فرعنا على النظر إلى الجبران.
٢٧٥٤ - وإن قلنا: أجر العمل المتروك محطوط، ولا التفات إلى ما جرى من جبران، فما المعتبر في كيفية التوزيع؟ واختلف أصحابنا في المسألة.
ولا يتأتى الوقوف على حقيقة الاختلاف إلا بتقديم أصلٍ مقصودٍ في نفسه، ومنه يبين الغرضُ، فنقول: إذا استأجر رجلٌ أجيراً ليحج عنه والخَرْجَة من نَيْسابور مثلاً، فإذا انطلق الأجير، وانتهى إلى الميقات المطلوب منه حجُّه عن مستأجِره، فلو أحرم بالعمرة عن نفسه، ودخل مكةَ، وطاف، وسعى، وحلق، ثم حج عن مستأجِره من جوف مكة، فالحجة تنصرف إلى المستأجِر، وفيما يستحقه الأجير قولان: أحدهما - توزع الأجرة المسماة على حجة تُفرض من الميقات، وعلى أخرى تُفرض من جوف مكة، فإذا قيل لنا: حجةٌ من الميقات تساوي عشرة، ومن جوف مكة تساوي تسعة، فقد تبينا أن بين التقديرين العُشرْ، وكان المطلوب من الأجير أن يحج من الميقات، فإذا حج من مكة، فقد ترك عُشر العمل، فنحطُّ عشرَ الأجرة المسماةِ على هذه النسبة، ووجه هذا القول أن المطلوب من الأجير الحجُّ، وابتداؤه من الإحرام، فليقع التوزيعُ من هذا المبتدأ.