وإذا كان المتلف مقوَّماً، فالكفارة فيه ذاتُ ركنين: الطعام، والصيام، والرجوع إلى قيمة المتلف، فإنا عجزنا عن تقدير مثلٍ، حتى نفرض اعتبار قيمته.
٢٨٠٥ - فإذا ثبت ما ذكرناه، فإن كان المحرم الجاني يُخرج الجزاء حيواناً، فمحله الحرم، كما تقدم.
ولا شك أنا لا نشترط فيه صفاتِ الضحايا؛ فإنا (١) إذا كنا نوجب في الصغار صغاراً، وفي المعيبة ما يضاهيها، فلا نلتزم والحالة هذه صفاتِ الضحايا، والشاة لا تجزئ في الضحايا عن شخصين، ولا يتبعض في القرابين غيرُ البُدنِ والبقرِ. وإذا أوجبنا في انجناية على الصيد جزءاً من الحيوان، فسيُخرج الملتزمُ عشرَ شاة، وسبب ذلك كلِّه اتباعُنا المثليةَ، والأشباه الخِلقية. ثم لا يكفي التصدق بالحيوانات المخرجة جزاءً، بل لابد من الذبح. وهذا إذا ضم إلى سقوط اعتبار صفات الضحايا، كان بدْعاً. والأمر كذلك، فالعَنَاق والحُلاّن مذبوحان ذبحَ الكبار، على صفات الهدايا.
وإن أراد المحرم العدولَ إلى الطعام، فالاعتبار بقيمة مكة في المثل؛ فإن المثل لو أخرج، لكان مستحقاً لهم، فالاعتبار عند العدول بقيمة تلك البقعة.
وإن كان الصيد متقوماً في نفسه، لا جزاء له من الحيوانات، فقد قال العراقيون: الاعتبار في قيمته بمكان الإتلاف، نظراً إلى كل متلَف مقوَّم، ثم القيَمة تصرف إلى الطعام، وبعدَه تعديلُ الصيام. وقالوا: ذهب بعض أصحابنا إلى أنا نعتبر قيمة المتلف بسعر مكة، وزعموا أن الصحيح الأول.
وقد قطع المراوزة بأن الاعتبار بقيمة مكة في الصيد المقوّم، ثم كلام العراقيين متردد في التفريع، على ما رواه ظاهر المذهب، فيحتمل عندهم بعد ما عرف مقدار القيمة، نظراً إلى مكان الإتلاف، أن نعتبر سعر الطعام في ذلك المكان أيضاًً، ويحتمل أن يقال: إذا ضبطت القيمة بمكان الإتلاف، فالمعتبر في صرفها إلى الطعام سعرُ مكة. وهذا هو الظاهر من كلامهم فيما أظن.