للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

٢٨٠٦ - المحرم إذا قتل صيداً، فقد اختلف قول الشافعي في أن الصيد الذي ذبحه في مذبحه، أو أثبته بسهم في شروده مَيتةٌ أمْ لا؟ فله قولان: أحدهما - أنه ميتة، وهو مذهب أبي حنيفة (١).

وفائدة ذلك تحريمه على الناس كافة في حال الاختيار، وإلحاقه بالميتات.

والقول الثاني - أنه ليس بميتة، ولغير الذابح استحلاله.

التوجيه:

من قال: إنه ميتة، قال: لأنه ممنوع من هذا الذبح لمعنىً فيه، فأشبه المجوسي، والمرتدَّ. ومن قال: ليست ذبيحتُه ميتةً، قال: إنه من أهل الذبح على الجملة، يعني البهائم، ولكن حالَ مالكُ الأعيان بينه وبين الذبح، حَجْراً عليه، كما حجر الشرع على الإنسان ذبح شاةَ الغير.

فإن قلنا: الصيد الذي ذبحه ميتة، فلا كلام، فليجتنبْها المحرم والمُحِل.

وإن قلنا: ذبيحته ليست بمَيْتة، فهي حلال للحرام (٢ والحلالِ، إلا أنها محرّمة على المُحرِم الذابح وفاقاً.

٢٨٠٧ - ثم يتبين الغرض بتفريعٍ فنقول: إن كان ٢) الصيد مباحاً غيرَ مملوك، فإن قَضَيْنا بكونه ميتةً، فلا كلام، وإن خصصنا التحريم بالذابح، فلو تحلل عن إحرامه، فالمذهب الذي قطع به المراوزة أن التحريم لا يزول بزوال الإحرام. وحكى العراقيون سوى ذلك وجهاً آخر: أن التحريم يزول بزوال الإحرام، ثم إنهم زيّفوه. فهذا إذا كان الصيد مباحاً.

٢٨٠٨ - فأما إذا كان الصيد مملوكاً، فإن قضينا بأنه يصير ميتة، فالمحرم يضمن قيمته لمالكه، ويلتزم تمام الجزاء، كما يلتزمه في الصيد المباح. وقد ذكرنا أنه لا فرق بين المملوك وبين المباح في الصيد، ولا فرق بين الآنس منه والمتوحش.


(١) ر. المبسوط: ٤/ ٨٥، اللباب: ١/ ٢١٦، الاختيار: ١/ ١٦٨.
(٢) ما بين القوسين أصابه البلل من (ك).