للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن قلنا: ذبيحة المحرم ليست ميتة، فعلى المحرم في الصيد المملوك الجزاء لله تعالى، وما ينقصه الذبح للآدمي.

٢٨٠٩ - ثم كما يحرُم على المحرم أن يأكل من الصيد الذي ذبحه، فكذلك يحرم عليه الأكل من كل صيد دلَّ عليه، أو أعان الصائد بوجه على اصطياده. وكذلك لو صاد صائد حلالٌ الصيدَ للمحرم، من غير أمره وإذنه.

والمتبع في ذلك الأخبار: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لطائفةٍ من المحرمين: " لحمُ الصيد حلالٌ لكم، ما لم تصطادوه، أو يصاد لكم " (١). واصطاد أبو قتادة، وهو حلال، فقدم الصيدَ إلى محرمين، فقال للرسول صلى الله عليه وسلم: " ما ترى، فقال: هل أشرتم؟ هل أعنتم؟ فقالوا: لا فقال: طعامٌ أطعمكم الله " (٢). وأهدي إلى عثمانَ لحمُ صيدٍ، وهو محرم، فقال لأصحابه: " كلوا؛ فإنه ما صيد لكم " (٣)، ولم يأكل (٤). ولا نظن بعثمان رضي الله عنه أن يأمر بالاصطياد، ثم يمتنع عن أكله، فدلت القصة على أن الصائد، كان اصطاد من غير مراجعته.


(١) حديث: لحم الصيد حلال لكم. رواه الشافعي، وأبو داود، والترمذي، والنسائي من حديث جابر (ر. ترتيب المسند: ١/ ٣٢٢، أبو داود: المناسك، باب لحم الصيد للمحرم، ح ١٨٥١، الترمذي: الحج، باب ما جاء في أكل الصيد للمحرم، ح ٨٤٦، النسائي: المناسك، باب إذا أشار المحرم إلى الصيد فقتله الحلال، ح ٢٨٢٧، التلخيص: ٢/ ٥٢٥ ح ١٠٩٧).
(٢) خبر صيد أبي قتادة. متفق عليه، وله عندهما ألفاظ كثيرة، واللفظ الذي ذكره الإمام (هل أشرتم ... ) عند مسلم دون البخاري (ر. البخاري: جزاء الصيد، باب إذا صاد الحلال فأهدى للمحرم الصيد أكله، ح ١٨٢١، مسلم: الحج، باب تحريم الصيد للمحرم، ح ١١٩٦).
(٣) خبر عثمان رضي الله عنه. رواه عبد الرزاق، والبيهقي (ر. مصنف عبد الرزاق: ٤/ ٤٣٣، ح ٨٣٤٥، ٨٣٤٦، ٨٣٤٧، البيهقي في الكبرى: ٥/ ١٩١، والصغرى: ٢/ ١٦٥ ح ١٥٨٣).
(٤) لأنه صيد من أجله، كما جاء في تفصيل الخبر.